بشار بن برد بن يرجوخ العُقيلي (96 هـ - 168 هـ) ، أبو معاذ، شاعر مطبوع إمام الشعراء المولدين. ومن المخضرمين حيث عاصر نهاية الدولة الأموية وبداية الدولة العباسية. ولد أعمى وكان من فحولة الشعراء وسابقيهم المجودين
أنا ابن ملوك الأعجمين تقطعت علي ولي في العامرين عماد
وأصله من فارس من أقليم خراسان كما يفتخر بذلك في قوله :
وإني لمن قوم خراسان دارهم كرام وفرعي فيهم ناضر بسق
وقال:
من خراسان وبيتي في الذرى ولدى المسعاة فرعي قد بسق
إنني من بني عقيل بن كعب موضع السيف من طلى الأعناق
نمت في الكرام بني عامر فروعي وأصلي قريش العجم
أجارتنـا لا تجـزعـي وأنـيبــــي أتاني من الموت المطل نصيبي
بنيي على قلبي وعيني كأنه نوى رهن أحجار وجـار قـلـــيب
كأني غريب بعد موت محمد وما المــــوت فينــــا بعده بغــريب
صبرت على خير الفتو رزنته ولولا اتقاء الله طال نحيبي
وذَات دَلٍّ كانَّ البدر صورتُها باتت تغنِّي عميدَ القلب سكرانا
إِنَّ العيونَ التي في طَرْفِها حَوَرٌ قتلننا ثم لم يحيين قتلانا
فقُلْتُ أحسنْتِ يا سؤْلي ويا أَمَلِي فأسمعيني جزاكِ الله إحسانا
يا حبذا جبلُ الرَّيَّان من جبل وحبذا ساكن الريان مَنْ كانا
قالت فَهَلاَّ فدَتْكَ النفس أَحْسنَ مِن هذا لمن كان صبّ القلبِ حيرانا
ياقومِ أذْنِي لِبْعضِ الحيِّ عاشقة ٌ والأُذْنُ تَعْشَقُ قبل العَين أَحْيانا
فقلتُ أحسنتِ أنتِ الشمسُ طالعة ٌ أَضرمتِ في القلب والأَحشاءِ نِيرانا
فأسمعيني صوتاً مطرباً هزجاً يزيد صبًّا محبّاً فيك أشجانا
يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُفَّاحاً مُفَلَّجَة ً أوْ كُنْتُ من قُضُبِ الرَّيحان رَيْحَانا
حتّى إِذا وَجَدَتْ ريحي فأعْجَبَها ونحنُ في خَلْوة ٍ مُثِّلْتُ إِنسانا
فحرَّكتْ عُودَها ثم انثنَتْ طَرَباً تشدو به ثم لا تخفيه كتمانا
أصْبحْتُ أَطْوَعَ خلق اللَّه كلِّهِمِ لأَكْثَرِ الخلق لي في الحُبّ عِصيانا
فَقُلت: أَطربْتِنا يا زيْنَ مجلسنا فهاتِ إنك بالإحسان أولانا
لوْ كنتُ أعلَمُ أَن الحُبَّ يقتلني أعددتُ لي قبلَ أن ألقاكِ أكفانا
فَغنَّت الشَّرْبَ صَوْتاً مُؤْنِقاً رَمَلاً يُذْكِي السرور ويُبكي العَيْنَ أَلْوَانا
لا يقْتُلُ اللَّهُ من دامَتْ مَودَّتُه واللَّهُ يقتل أهلَ الغدر أَحيانا
لا تعذلوني فإنّي من تذكرها نشوانُ هل يعذل الصاحونَ نشوانا
لم أدر ما وصفها يقظان قد علمت وقد لهوتُ بها في النومِ أحيانا
باتت تناولني فاهاً فألثمهُ جنيّة زُوجت في النوم إنسانا
توفي بشار سنة 167 هـ إثر اتهامه بالزندقة، وقد ذكر ابن المعتز في كتاب "طبقات الشعراء" سبب وفاته فقال: "كان بشار يعد من الخطباء البلغاء الفصحاء وله قصائد وأشعار كثيرة، فوشى به بعض من يبغضه إلى المهدي بأنه يدين بدين الخوارج فقتله المهدي، وقيل: بل قيل للمهدي: إنه يهجوك، فقتله، والذي صح من الأخبار في قتل بشار أنه كان يمدح المهدي، والمهدي ينعم عليه، فرمي بالزندقة فقتله، وقيل: ضربه سبعين سوطاً فمات، وقيل: ضرب عنقه"، ودفن بالبصرة. وكانت نهايته في عصر الخليفة المهدي.