تُطلق علامات الساعة الصغرى على الأحداث التي وقعت وانقضى زمانها، أمّا علامات الساعة الوسطى فهي الأحداث التي لا تزال تحدث وتقع مع توالي الأيام والأزمان، وفيما يأتي بيان البعض منها مما ورد في الأحاديث النبوية عن الرسول صلى الله عليه وسلم:
بعثة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، حيث روى الإمام مسلم في صحيحه عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه: (بُعثتُ أنا والساعةُ كهاتَين)، وضمّ الرسول السبابة والوسطى.
موت النبي صلى الله عليه وسلم، وفتح بيت المقدس، وطاعون عمواس.
ظهور مدّعي النبوة، ودليل ذلك ما رواه البخاري في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه، حيث قال: (لا تقومُ الساعةُ حتى يُبعثَ دجَّالونَ كذَّابونَ ، قريبٌ من ثلاثين ، كلُّهم يزعمُ أنَّهُ رسولُ اللهِ).
ظهور الفتن وانتشارها بين الناس، وكثرة الأموال، وضياع الأمانة، وانتشار القتل وكثرته.
ولادة الأمة لربتها، وقد اختلف العلماء في تفسيرها، ففسّرها البعض بأنها كنايةً عن انتشار عقوق الوالدين وكثرته، حتى يُعامل الأبناء والديهم معاملة سيئةً جافةً كمعاملة السيد لخادمه، ومنهم من فسّر ذلك بأنها كنايةً عن كثرة الفتوحات الإسلامية، حتى تكثر السراري والإماء، فتلد الأمة ولداً يصبح سيدها، أو يبيع السادة أمهات أبنائهم، حتى يشتري الولد أمّه وهو لا يعلم أنّها والدته.
علامات الساعة الكبرى
تُعرف علامات الساعة الكبرى بأنّها آخر الأحداث التي تشهدها الأرض، وهي عشر علاماتٍ، ولم يدل أي دليل على الترتيب الزمني الصحيح لوقوعها، ممّا أوقع الخلاف بين العلماء في ذلك، كما أنّ الحديث الذي ذكر العلامات الكبرى للساعة ورد في أكثر من رواية، واختلفت ترتيب العلامات بين الروايات، ومن ذلك ما أورده الإمام مسلم في صحيحه عن الصحابي حذيفة بن أسيد الغفاري رضي الله عنه عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنّه قال عن الساعة: (إنها لن تقومَ حتى ترَون قبلَها عشرَ
آياتٍ " . فذكر الدخانَ ، والدجالَ ، والدابةَ ، وطلوعَ الشمسِ من مغربِها ، ونزولَ عيسى ابنِ مريم صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ، ويأجوجَ ومأجوجَ . وثلاثةَ خُسوفٍ : خَسفٌ بالمشرقِ ، وخَسفٌ بالمغربِ ، وخَسفٌ بجزيرةِ العربِ . وآخرُ ذلك نارٌ تخرج من اليمنِ ، تطردُ الناسَ إلى مَحشرِهم)،[١] ووردت في ترتيب آخر في رواية مختلفة عن الرواية السابقة، وفي رواية ثالثة ذكر أنّ نزول عيسى بن مريم هو آخر العلامات العشر، إلا أنّ المعلوم بالضرورة أنه بمجرّد ظهور علامة واحدة فإنّ باقي العلامات تتتابع.
ومن الجدير بالذكر أنّ تلك العلامات لا تعدّ من الأمور الطبيعية التي تحصل عند البشر، ممّا يسبب الفزع والخوف لديهم، كما أنّها تنقسم إلى نوعين؛ فإمّا أن يراها المؤمن، وإمّا أن يراها الكافر فقط، ومن العلامات التي يراها المؤمن فقط: ظهور الدجال، ونزول عيسى بن مريم عليه الصلاة والسلام، وخروج قوم يأجوج ومأجوج، وطلوع الشمس من مغربها، وخروج الدابة، والدخان، أمّا العلامات التي يراها الكافر فهي: خسوف يقع في المشرق، وخسوف في المغرب وخسوف في جزيرة العرب، والنار التي تخرج من أرض عدن أو من المشرق لتسوق الناس إلى أرض المحشر.
خروج المهدي
يعدّ خروج المهدي من علامات الساعة الكبرى التي تحدث آخر الزمان، والتي بشّر فيها النبي صلى الله عليه وسلم، حيث تتحقق على يدي المهدي عدّة أمور، وهي: تأييد الدين، وظهور وانتشار العدل، واتباع المسلمين له، ويعدّ المهدي من أهل بيت النبي عليه الصلاة والسلام، ويكون خروجه في زمن خروج المسيح الدجال وعيسى بن مريم عليه السلام، واسمه هو: محمد بن عبد الله، ودليل ذلك ما رواه عبدالله بن مسعود رضي الله عنه أنّ الرسول عليه الصلاة والسلام قال: (لو لم يبقَ
من الدنيا إلَّا يومٌ ، لَطَوَّلَ اللهُ ذلِكَ اليومَ حتى يبعثَ فيه رجلًا من أهلِ بيتي ، يواطيءُ اسمُهُ اسمِي ، واسمُ أبيه اسمَ أبي ، يملأُ الأرضَ قسطًا وعدلًا كما مُلِئَتْ ظلمًا وجورًا).
كما يعدّ المهدي من ولد فاطمة رضي الله عنها، حيث قالت أم سلمة هند بنت بني أمية: (المهديُّ من عِتْرَتِي من ولَدِ فاطمةَ)، والعترة الواردة في الحديث يُقصد بها ولد الرجل لصلبه كما بيّن الخطابي، وتكون العترة للأقرباء وأبناء العم، ومن الصفات الخاصة بالمهدي ما رواه أبو سعيد الخدري عن رسول الله، حيث قال: (المهديُّ منِّي ، أجلَى الجبهةِ ، أَقنى الأنفِ ، يملَأُ الأرضَ قِسطًا و عَدلًا كما مُلِئَتْ جَورًا و ظُلمًا ، يملِكُ سبعَ سِنينَ)، والمقصود بالأجلى أي أنه خفيف الشعر، كما أنه أقنى؛ أي طويل وأرنبة أنفه رقيقة، وقد حدّد العلماء زمن خروجه بآخر الزمان، فيخرج ويقيم العدل، ويمنع الظلم، وتكثر الأموال والمواشي
في زمنه، وفي نهاية زمانه ينزل عيسى بن مريم عليه السلام، ويصلّي خلف المهدي.
ومن الجدير بالذكر أنّ الأحاديث النبوية التي بيّنت أحوال المهدي والظروف الخاصة به وصفاته قد بلغت حد التواتر المعنوي، أي أنّها متفقة على المعنى الخاص بها، إلا أنّها مختلفة في اللفظ، فالواجب على المسلمين الإيمان به، وبما ورد عنه من اسمه، ونسبه، وصفاته، إلا ان الناس تختلف أحوالها بخروج المهدي، فمنهم من ينكرون خروجه قطعاً استناداً إلى عقلهم وكفرهم بالأمور الغيبية، وفي المقابل فإنّ بعض الناس مؤمنون بالمهدي مغالاةً دون اعتدالٍ أو توسّطٍ، إلا أنّ ما عليه أهل السنة والجماعة في أمر المهدي هو الإيمان بخروجه كما دلّت النصوص الصحيحة الثابتة.