الدعاء
حجب الله الدعاء عن عبده
متي يحجب دعائك
كرّمنا الله نحن المسلمين بإسلامنا الحنيف وبكلّ عباداته وواجباته علينا، وقد أرسى الله دعائم كثيرة لهذا الدّين الحنيف الذي يقوم على الصّلة الوثيقة بين العبد وربّه، فالإنسان يتضرّع لله تعالى ويتقرّب إليه بالصلاة والصيام والزكاة وغيرها من العبادات التي فرضها علينا. لكن الدّعاء هو الوسيلة الأقرب لله تعالى والتواصل إليه، فالله سبحانه قدير على كلّ شيء، وقادر على إجابة دعوانا إليه إن كنّا مخلصين له.
الدّعاء ما هو إلّا أن يرفع المسلم يديه لله تعالى راجياً إيّاه رحمته وعطفه وإحسانه، وأن يدعوه سبحانه بأجلّ أسمائه وأعظمها مناجياً إيّاه بكلّ ما يريد مع إلتزامه بآداب الدّعاء ويقينه وإيمانه بإستجابة الله له، يقول تعالى في كتابه العزيز: "وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ" (سورة البقرة: 186).
قد يرى البعض أنّ الله لم يستجب لدعائهم، وهذا غير صحيح، فالله لا يردّ دعوة الداع إذا دعاه. وقد يكون الدّعاء مستجاباً في وقته ويرى المسلم آثار الإستجابة، وقد يكون مستجاباً لكن يؤخّر الله الإستجابة لحكمة لا يعلمها الله جلّ وعلا وحده، وقد تكون الإستجابة بغير ما نبغي ويكون الخير فيها. ولكن على الرّغم من ذلك، فإنّ الإنسان المسلم قد يرتكب ذنوباً تمنع الإستجابة وقبول الدّعاء، وذلك علينا أن لا نغفل عنها ونعلمها ونبتعد عنها حتّى يقبل دعاؤنا.
وطبعاً يكون السبب الأساس في حبس الدّعاء وعدم إستجابته من الله تعالى ما هو إلّا فعل الإنسان نفسه، فما عليك عند اللّجوء إلى الله سوء اللجوء إليه بقلب صافٍ ونيّة سليمة، ولا تقصد فيه الأذى لغيرك، مع إيمانك القويّ بقدرة الله على إستجابة الدّعاء ساعة يشاء وكيف يشاء، مع الإبتعاد عن الذّنوب التي تسبّب في منع الإستجابة. ومن الذنوب التي ترّد الدعاء وتمنع إستجابته: سوء النيّة؛ كأن تنوي لنفسك شرّاً أو لغيرك، كدعاء بعض الناس على غيرهم بالموت أو الإصابة بالمصائب، فهنا لا يستجيب الله الدّعاء، وهذا من رحمته القدير علينا.
ومن الذّنوب التي تمنع قبول الدّعاء أيضاً "خبث السريرة"، كأن تدعو في ظاهر دعائك بالخير وتضمر الشرّ في قلبك، فالله لا يستجيب الدّعاء أبداً في هذه الحالة. كما أنّ النفاق مع الغير من أحد الذنوب التي تمنع إستجابة الدّعاء، فإن كنت تنافق أحياناً في تعاملك مع غيرك، فإبدأ بنفسك وغيّرها وإبتعد عن النفاق حّتى يستجيب الله دعاءك، ولا تظلم أحداً. كما أنّ تأخير الصلوات المفروضة علينا عمداً حتّى يذهب وقتها من أسباب حبس الدّعاء كذلك. وإن أردت أن تكون مستجاب الدّعاء عليك كذلك بالإبتعاد عن الفحش في القول، وأستخدام ألطف الكلام وأهذبه في الحديث والقول مع الغير، وأكثر من الصدقات وأعمال الخير التّي تقرّبك من الله عزّ وجلّ وتجعلك من أحبابه المقرّبين، وإبتعد عن الأعمال المحرّمة التي حرّمها الله علينا حّتى لا يحلّ غضبه ولعنته عليك