اللصاة ، مبطلات الصلاة ، شروط صحة الصلاة ، ثمرات الصلاة
الصلاة
جعل الإسلام للصلاة مكانة عظيمة، فهي الركن الثاني من أركان الإسلام، حيث تأتي مباشرةً بعد الشهادتين، وهي أوّل ما يسأل الله -تعالى- العبد عنه يوم القيامة، فإن صلُحت صلح عمله كلّه وإن فسدت فسد عمله كلّه كما أخبر الرّسول -صلّى الله عليه وسلّم- بقوله: (أوَّلُ ما يحاسَبُ بِهِ العبدُ يومَ القيامةِ الصلاةُ، فإِنْ صلَحَتْ صلَح له سائرُ عملِهِ، وإِنْ فسَدَتْ فَسَدَ سائرُ عملِهِ)، لذلك كان حرص النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- على توصية المسلمين بها شديداً، فحتى في سكرات الموت أوصى المسلمين بها.
مبطلات الصلاة
كما أنّ للصلاة شروطاً يجب على المسلم أن يأتي بها حتى تصحّ صلاته؛ فلها كذلك مبطلات إن فعلها كانت صلاته باطلة غير مقبولة، وهذه المبطلات إمّا أن تكون بفعل شيء يحرم فعله في الصلاة، أو أن تكون بترك شيء واجب الإتيان به، وفيما يأتي بيان كلا النوعين:
الأكل والشرب في الصلاة عن عمد وقصد، حيث نُقل الإجماع عن العلماء في إبطال ذلك للصلاة، أمّا إن أكل الإنسان أو شرب ناسياً أو جاهلاً أثناء الصلاة فلا تبطل صلاته على الراجح عند الحنابلة والشافعيّة، وكذلك إن ابتلع ما كان عالقاً في فمه إن كان دون حجم حبّة الحمص.
التكلّم في الصلاة عمداً لغير مصلحة الصلاة، فلا يجوز للمصلّي أن يتحدّث خلال صلاته، فإن كان ناسياً أو جاهلاً لم تبطل، وإن تحدّث الإنسان في مصلحة الصلاة كأن ينبّه الإمام على خطأ في الصلاة، فجائز بشرط ألّا يكثر كلامه عرفاً ولا يُفهم المقصود بالتسبيح؛ لأنّ الأصل في ذلك التسبيح وليس الكلام.
الحركة والأفعال الكثيرة في الصلاة عمداً؛ والمعيار والضابط في ذلك عادة الناس، فما يعدّه الناس في العرف كثيراً كالمشي لخطوات عدّة يعدّ مبطلاً للصلاة، أمّا ما عدّه الناس ليس بكثير كخلع النعل أو حمل الطفل، فلا يكون مبطلاً للصلاة.
الضحك خلال أداء الصلاة؛ وذلك إذا كان الضحك كثيراً فلم يستطع الإنسان دفعه، أمّا التبسّم فلا يبطلها وكذلك الضحك القليل، والضابط في الكثرة والقلّة هو العرف.
ترك ركن أو ترك واجب من أركان وواجبات الصلاة عمداً؛ أمّا إن ترك واجباً سهواً فإنّه يجبره بسجود السهو، وأمّا الرّكن فلا يُجبر بسجود السهو بل لا بدّ من الإتيان به.
ترك شرط من شروط صحّة الصلاة عمداً؛ فإن صلّى المسلم صلاة دون أن يستوفي جميع شروطها متعمداً في ذلك بطلت صلاته.
شروط صحة الصلاة
لأهمية الصلاة جعل الله -تعالى- لصحّتها شروطاً خاصة إضافة للشروط العامة للعبادة في الإسلام، وهي الإسلام والعقل والتمييز، فإنّ التزم بها المسلم كانت صلاته صحيحة، وإن ترك شيئاً منها لم تكن كذلك، وفيما يأتي بيان شروط صحّتها:
دخول وقت الصلاة؛ فقد حدّد الله -تعالى- لكلّ صلاة وقتاً خاصاً بها، وأجمع العلماء على أنّ أداء الصلاة قبل دخول وقتها لا يصحّ.
ستر العورة؛ وأجمع العلماء على هذا الشرط، فمَن صلّى مكشوف العورة لم تصحّ صلاته.
الطهارة من الحدثين الأكبر والأصغر؛ فمن صلّى مُحدثاً لم تصحّ صلاته، لقول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (لا يَقْبَلُ اللهُ صلاةَ أحدِكم إذا أَحْدَثَ حتى يتوضأَ).
الطهارة من النجاسة؛ فلا يجوز للإنسان أن يصلّي وعليه نجاسة، وإن صلّى على ذلك الحال عالماً به لم تصحّ صلاته أيضاً، والطهارة من النجاسة مطلوبة في ثلاثة مواضع؛ طهارة البدن، وطهارة الثوب، وطهارة المكان الذي يصلي فيه المسلم.
التوجّه نحو القبلة؛ حيث أجمع العلماء أنّ من صلّى إلى غير القبلة وهو قادر على استقبالها لم تصحّ صلاته.
النيّة؛ لأنّ الأعمال بالنيّات، فمن صلّى بغير نيّة يعقدها في قلبه لم تصحّ صلاته، قال الرّسول صلّى الله عليه وسلّم: (إنّما الأعمالُ بالنياتِ).
ثمرات الصلاة
إنّ للصلاة عدّة ثمرات يحصل عليها المسلم بالمحافظة عليها، منها:
تَحولُ الصلاة بين المسلم والكفر، أو الشرك بالله؛ حيث قال الرّسول صلّى الله عليه وسلّم: (بين الرجلِ وبين الشركِ والكفرِ تركُ الصلاةِ).
تُحقّق الصلاة للمسلم الراحة والطمأنينة القلبية، فقد كان الرّسول -صلّى الله عليه وسلّم- يقول لبلال رضي الله عنه: (يا بلالُ أقمِ الصلاةَ، أرِحْنا بها).
تكون الصلاة للإنسان نوراً؛ حيث قال الرّسول صلّى الله عليه وسلّم: (والصلاةُ نورٌ).
تعالج الصلاة غفلة الإنسان وتذهبها عنه؛ حيث قال الله تعالى: (وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ وَلَا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ).
تدفع الصلاة المسلم لترك المعاصي والفواحش والمنكرات؛ لقول الله تعالى: (إنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ).
تحصّن الصلاة المسلم وتجعله في ذمة الله، قال الرّسول صلّى الله عليه وسلّم: (من صلّى صلاةَ الصبحِ فهو في ذمةِ اللهِ).
تكفّر الصلاة ذنوب المسلم، لقول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (الصَّلواتُ الخمسُ والجمُعةُ إلى الجمعةِ ورمضانُ إلى رمضانَ مُكفِّراتٌ ما بينَهنَّ إذا اجتنَبَ الْكبائرَ).
تفرّج الصلاة الكروب والهموم عن المسلم، فقد ورد عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه كان إذا أهمّه أمر قام فصلّى.
تعدّ الصلاة سبباً من أسباب الرزق بمشيئة الله، فورد في القرآن الكريم قول الله تعالى: ( كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقًا).
تعدّ الصلاة سبباً في حصول الذرية للإنسان بمشيئة الله؛ لقول الله تعالى: (فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى).