فتوى بعنوان: صوم يوم الشك و ما هو يوم الشك؟ ولماذا يحرم صومه؟
هو يوم الثلاثين من شهر شعبان إذا تَحَدَّث الناس بالرؤية ولم تثبت، أو شهد بها من رُدَّت شهادتُه لفسقٍ ونحوه، فإن لم يتحدَّث بالرؤية أحدٌ فليس يومَ شكٍّ حتى لو كانت السماء مُغيمة؛ وذلك عملًا بظاهر قول عمار بن ياسر رضي الله عنهما: "الَّذِي يَشُكُّ فِيهِ النَّاسُ"، من غير التفاتٍ إلى وجود غيمٍ أو انتفائه.
ويحرم إفراد يوم الشك بالصوم إن كان على جهة التطوع المطلق، أما إن أفرده بالصوم لموافقته عادةً للصائم في صوم التطوع؛ كالاثنين والخميس مثلًا، أو كان الصوم لقضاء ما فات من رمضان، أو للوفاء بنذرٍ، ونحو ذلك من الصوم الواجب؛ فيجوز الصوم من غير حرجٍ.
قال الإمام النووي في "المنهاج" (1/ 76): [وَلَا يَحِلُّ التَّطَوُّعُ يَوْمَ الشَّكِّ بِلَا سَبَبٍ، فَلَوْ صَامَهُ لَمْ يَصِحَّ فِي الْأَصَحِّ، وَلَهُ صَوْمُهُ عَنْ الْقَضَاءِ وَالنَّذْرِ، وَكَذَا لَوْ وَافَقَ عَادَةً تَطَوُّعُهُ] اهـ.
أمَّا عن الحكمة في النهي عن صومه: ففيها خلافٌ ذكره الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (4/ 128) بقوله: [وَالْحِكْمَةُ فِيهِ: التَّقَوِّي بِالْفِطْرِ لِرَمَضَانَ لِيَدْخُلَ فِيهِ بِقُوَّة وَنَشَاط، وَهَذَا فِيهِ نَظَرٌ؛ لأَنَّ مُقْتَضَى الْحَدِيثِ أَنَّهُ لَوْ تَقَدَّمَهُ بِصِيَامِ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ أَوْ أَرْبَعَة جَاز.. وَقِيلَ: الْحِكْمَة فِيهِ خَشْيَة اخْتِلاط النَّفْل بِالْفَرْضِ، وَفِيهِ نَظَرٌ أَيْضًا؛ لأَنَّهُ يَجُوزُ لِمَنْ لَهُ عَادَةٌ كَمَا فِي الْحَدِيثِ. وَقِيلَ: لأَنَّ الْحُكْمَ عُلِّقَ بِالرُّؤْيَةِ؛ فَمَنْ تَقَدَّمَهُ بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ فَقَدْ حَاوَلَ الطَّعْنَ فِي ذَلِكَ الْحُكْمِ، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ] اهـ.
والله سبحانه وتعالى أعلم.