مقدمة ، أولى القبلتين ، أول قبلة للمسلمين ، تحويل القبلة
مقدّمة
يقول الله تعالى: "سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التى كانوا عليها قل لله المشرق والمغرب يهدى من يشاء إلى صراط مستقيم" المقصود بالسفهاء هنا كفار العرب وهناك قول بأنّهم أحبار اليهود أو المنافقون وهذه الآية قد تشمل جميع هؤلاء.
أول قبلة للمسلمين
كانت حادثة تحويل القبلة في مرحلة ما بعد الهجرة، وذلك فى السنة الثانية من الهجرة، وذلك أن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بالتوجه نحو الصخرة المشرفة في بيت المقدس، وهي أول قبلة توجه المسلمين نحوها، فقد كان في مكة المكرمة يصلي بين الركنين وهو مستقبل الصخرة، فعندما هاجر إلى المدينة صعب الأمر عليه فأوحى الله إليه بالتوجه نحو بيت المقدس، وبيت المقدس له عدة أسماء منها " مدينة المقدس " وهذه المدينة اشتهرت منذ الفتح الإسلاميّ حيث كان يطلق عليها اسم بيت المقدس، ومعنى هذا الاسم أنّها مدينة طاهرة لله عز وجل، لا يقصدها إلا المسلمون ولا يتوجّه إليها إلا الناسكون وأن يبتعد عن أرضها الظالمون، وقد ميّزها الله تعالى بعدة صفات منها أنّ العديد من الأنبياء من زمن إبراهيم عليه السلام إلى زمن عيسى عليه السلام مرّوا بها، كما أنّ تخليصها من الاحتلال الصهيوني الغاشم واجب على كلّ المؤمنين في شتى نواحي الأرض، وحينما أوحى الله لنبيه باستقبال بيت المقدس فرحت اليهود لهذا الأمر، وكان نبيّ الله يقلب وجهه فى السماء داعياً الله بالتوجه نحو الكعبة فجاء قوله تعالى:" قد نرى تقلب وجهك فى السماء فَلَنُولِّيَنَّكَ قِبْلَة تَرضَاها فَوَلِّ وَجهَك شطرَ المسجدِ الحرامِ".
تحويل القبلة
كان النبي عليه السلام توجّه بالقبلة نحو بيت المقدس ما يقارب ستة عشر شهراً، وقال البخاري:" أخبرنا أبو نعيم سمع زهير عن أبي اسحاق عن البراء رضي الله عنه أن رسول الله صلى إلى بيت المقدس (ستة عشر شهراً أو سبعة عشر شهر) وكان يعجبه أن تكون قبلته قبل البيت وأنّه صلى أوّل صلاة صلاها العصر، وصلّى معه قوم فخرج رجل ممن كان صلى معه فمر على أهل مسجد وهم راكعون فقال: أشهد بالله لقد صليت مع النبي قبل مكّة فداروا كما هم قبل البيت وكان الذي قد مات على القبلة قبل أن تحول قبل البيت رجالاً قتلوا لم ندرِ ما نقول فيهم فأنزل الله قوله:"وما كان الله ليضيع إيمانكم إن الله بالناس لرؤوف رحيم".
كان نبيّ الله يحب التوجّه نحو قبلة سيدنا إبراهيم عليه السلام، فكان دائم التوجه بالدعاء لله وينظر إلى السماء فأوحى الله " فَوَلُّوا وجوهكم شَطْرَه"، فارتاب اليهود وقالوا :" ماولّاهم عن قبلتهم التى كانوا عليها"، فأنزل الله قوله: " قل لله المشرق والمغرب يهدى من يشاء إلى صراط مستقيم "، وذكر العديد من المفسرين أنّ تحويل القبلة نزل على النبي وقد كان قد صلى ركعتين من صلاة الظهر، وذلك فى مسجد ابن سلمة فأطلق عليه اسم مسجد القبلتين.
كان الاتّجاه من قبل الهجرة نحو الكعبة، ثمّ أوحى الله إلى الرسول بعد الهجرة بالتوجّه إلى بيت المقدس، وذلك حتى يتبعه اليهود ويوفون بعهودهم، وهذا الأمر يمثل شكل من أشكال التسامح مع أهل الكتاب، وهذا جزء من نماذج المعاملات الإسلاميّة التي تؤكّد هذا المعنى، حتى يحيا الناس في أمان و سلام، وفي الصلاة نحو بيت المقدس يتجلّى المعنى الحقيقيّ للمؤاخاة والتسامح ولفت النظر نحو أهميّة المسجد الأقصى، بالإضافة إلى توضيح منزلته ممّا يستدعي التعاون لنصرته وتحريره.