الرّكن الأوّل: المورّث، ويعني ذلك صاحب الميراث أو التّركة، ويجب أن تتوافر فيه مجموعة من الشّروط حتّى يتمّ أخذ ماله، وهذه الشّروط هي: أن يموت حقيقةً أو حكماً، والدّليل على هذا الشّرط هو قوله سبحانه وتعالى: (إِنْ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ) سورة النساء،176، ومعنى ذلك: مات، وبالتالي فإنّ المال لا ينتقل من المورّث إلى الوارث، إلا في حال موت المورّث حقيقةً أو حكماً.
الرّكن الثّاني: الوارث، ويُشتَرط في الوارث ليتملك الإرث شرط واحد، هو أن يكون على قيد الحياة بعد أن يموت المورّث ولو للحظة واحدة، وهذا شرط هامّ جدّاً.
الرّكن الثّالث: الموروث، وهو التّركة التي يتركها المورّث بعد موته.
أسباب الإرث
هناك مجموعة من الأسباب التي تمنح الإرث لأصحابه، وهي:
النّكاح: ومعنى ذلك في الشّرع عقد الزّوجية الصّحيح، حتّى إن لم يحصل خلاله خلوة، أو الوطء، بهذا السّبب يتمّ التوارث بين الزّوجين، وذلك مادام عقد الزّوجية قائماً بينهما، أو أن يكون في معنى القائم، وأمّا في حال قام الرّجل بتطليق زوجته، ثمّ انتهت عدّتها، فإنّ التوارث ينقطع بينهما، وذلك بسبب انقطاع سبب التّوارث بينهما.
الولاء: ويعني ذلك القرابة الحكميّة: ويكون بأن يقوم السّيد باعتاق عبده، وبالتالي يصبح بينهما شيء يسمّى الولاء، والسّبب في ذلك أنّ السّيد قد أنعم على العبد حين أعتقه، وبالتالي أخرجه من الرّق إلى الحريّة، وتعتبر كذلك قرابةً حكميّةً قام الشّارع بإنشائها، وهي ناتجة عن العتق أو الموالاة، وهي شيء يشبه النّسب، وبالتالي فإنّ السّيد يرث العبد الضي قام بإعتاقه.
النّسب: ويعني ذلك القرابة الحقيقيّة، ويعني كذلك الاتصال بين فردين بسبب ولادة، سواءً أكانت قريبةً أم بعيدةً، وهذا السّبب هو الأقوى للميراث، ويقسم الورثة من الأقارب إلى أقساك هي:
الأصول: وهؤلاء هم: والد الميّت، ووالد أبيه، وإن علا، وأمّ الميّت، والجدّة التي تدلي بوارث، أو بوارثة.
الفروع: وهؤلاء هم: أولاد الميّت، وابن ابنه وإن نزل، ابنة ابنه وإن نزل أبوها.
الحواشي: وهؤلاء هم: إخوان الميّت وإخوته في المُطلق، وأولاد إخوته الذّكور لغير الأمّ، وأعمام الميّت الأشقّاء، والأعمام لأب وإن عَلَوا، وأبناء الأعمام وإن نزلوا.
موانع الإرث
هناك مجموعة من الأسباب التي تمنع الإرث، وهي:
اختلاف الأديان: وذلك يعني أن يكون الميّت على دين، والوارث له دين آخر، وبالتالي فإنّ اختلاف الأديان بينهما يمنعهما من التوارث، ولذلك عدّة صور مختلفة، منها:
أن يكون الميّت مسلماً، ووريثه كافراً، على أيّ ملة من ملل الكفر كان، وبالتالي فإنّ الكافر لا يرث من قريبه المسلم شيئاً، وذلك باتفاق العلماء والفقهاء، ودليل ذلك حديث: (لا يرث المسلم الكافر ولا يرث الكافر المسلم ...) رواه البخاري.
أن يكون الميّت كافراً ووريثه مسلماً، وبالتالي فإنّ المسلم لا يرث شيئاً من قريبه الكافر، وذلك في قول لجمهور العلماء، ودليله الحديث السّابق.
أن يكون الميّت كافراً، والوريث كافراً أيضاً من ملة أخرى، وبالتالي فإنّ لا يوجد توارث بينهما، وذلك لحديث: (لا يتوارث أهل ملَّتَين شتّى) رواه أبو داوود والترمذي.
القتل: ومعنى ذلك هو فعل ما قد يكون سبباً في إزهاق الرّوح، وبالتالي فإنّ القاتل لا يرث شيئاً من المقتول، وبالتالي لو قام الولد بقتل أبيه فإنّه لا يرث منه شيئاً.
الرّق: والرّق يعني العبوديّة، وبالتالي فإنّها عجز حكميّ، وبالتالي فإنّه منعه من التصرُّف، والرّقيق لا يرث شيئاً من الحرّ، وذلك لأنّ الرّقيق لا مال له، بل يعتبر ملكاً لسيّده، قال الله سبحانه وتعالى: (ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا عَبْدًا مَمْلُوكًا لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ ....) ،سورة النحل،75، وفي هذه الآية بيان واضح لعجز الرّقيق.
نصيب الزوجة من الميراث
إنّ للزوجة في الميراث حالتان، وهما على النّحو الآتي:
الحالة الأولى: ألّا يكون هناك فرع وارث، وبالتالي يكون فرضها هو الرّبع من الميراث، وذلك لقوله سبحانه وتعالى: (وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ) سورة النساء،12، ومثال على ذلك أن يموت الرّجل عن زوجته، وأمّه، وأبيه، وفي هذه الحالة يكون ميراث الزّوجة هو الرّبع، وذلك بسبب عدم وجود الفرع الوارث، لأنّها منفردة، وأمّا إذا كان للميّت أكثر من زوجة فإنّهن يشتركن في الرّبع أو الثُمن.
الحالة الثّانية: أن يكون هناك فرع وارث، وبالتالي يكون فرضها هو الثّمن من الميراث، وذلك لقوله سبحانه وتعالى: (فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ) سورة النساء،176، ومثال ذلك أن يموت الرّجل عن ابنه، وابنته، وأمّه، وأخته، وزوجته، فإنّ للزوجة في هذه الحالة الثّمن من الميراث، وذلك بسبب وجود الفرع الوارث، وإذا كان هناك أكثر من زوجة فإنّهن يشتركن في الثّمن.
نصيب الزوج من الميراث
إنّ الزّوج يكون ميراثه بالفرض فقط، وله في ذلك حالتان، الأولى أن لا يكون هناك فرع وارث للزوجة، ومثال على الفرع الوارث كلّ من الابن وإن نزل، وابن الابن وإن نزل، والبنت وبنت الابن وإن نزلت، مثل بنت ابن الابن، فإنّه إن لم يكن هناك فرع وارث للزّوجة فإنّ الزّوج يرث النّصف منها، ودليل ذلك قوله سبحانه وتعالى: (وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ) سورة النساء،176.
وهذا في حال كان الولد منه أو من غيره، وذلك لقوله سبحانه وتعالى: (إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ) سورة النساء،176، والولد في هذه الآية جاء على صيغة النّكرة، والنّكرة هنا تفيد العموم، وبالتالي تعني عموم الأولاد، سواءً أكانوا من الزّوج ذاته أو من غيره، وفي حال كان هناك فرع وارث للميّت فإنّ الزّوج يرث الرّبع، ومثال ذلك أنّ امرأةً ماتت عن بنت ابن، وزوجها، وأبيها، وبالتالي فإنّ الزّوج يرث الرّبع بسبب وجود الفرع الوارث، وهو هنا بنت الابن، وذلك لقوله سبحانه وتعالى: (إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ) سورة النساء،176، وخلاصة ذلك أنّ للزوج حالتان الأولى أن يرث فيها الرّبع وذلك بسبب وجود الفرع الوارث، والثّانية أن يرث النّصف، وذلك بسبب عدم وجود الفرع الوارث.