الخلفاء الراشدون هم من انتهى إليهم أمر المسلمين بعد وفاة الرّسول الأعظم صلّى الله عليه وسلّم، وفترة الخلافة الرّاشدة تشكّل الحقبة الأولى من حقب التاريخ الإسلامي، والخلفاء الرّاشدون أربعة، أوّلهم خليفة رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - أبو بكر الصدّيق، ثمّ عمر بن الخطّاب، ثمّ عثمان بن عفّان، ثمّ علي بن أبي طالب رضي الله عنهم، جاء بعده ابنه الحسن الذي تولى الخلافة لفترة قصيرة جداً ليتنازل عن الحكم لمعاوية بن أبي سفيان، والذي بدأ بتوليه الخلافة العهد الأموي. وقد ألحقت فترة خلافة الخليفة الأموي عمر بن عبد العزيز بفترة الخلافة الراشدة، وذلك نظراً إلى أنّ هذا الخليفة كان قد انتهج نهج الرّاشدين الأوائل، من الصّلاح والتقوى، واتباع طريق الحقّ والاستقامة؛ فأصبح عمر بن عبد العزيز يلقّب بالخليفة الرّاشدي الخامس.
ترتيب الخلفاء الراشدين
أبو بكر الصديق
إنّ أبو بكر الصّديق هو عبد الله بن أبي قحافة عثمان بن كعب التيمي القرشي، وكنيته أبو بكر، وأمّه أمّ الخير، سلمى بنت صخر بن عامر التيمي، وقد ولد في عام 51 ق.هـ، أي 573 م، وهو أوّل من آمن برسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - من الرّجال، ويعتبر أوّل الخلفاء الرّاشدين.
وقد سمّي أبو بكر بالصّديق لأنّه صدّق النّبي - صلّى الله عليه وسلّم - في خبر الإسراء، وقيل أنّه سمي بذلك لأنّه كان يصدّق النّبي - صلّى الله عليه وسلّم - في كلّ خبر يجيئه من السّماء، وكان أبو بكر يلقب بالعتيق، لأنّ النّبي - صلّى الله عليه وسلّم - قال له:" يا أبا بكر أنت عتيق الله من النّار ".
وقد كان سيّداً من سادات قريش، وغنيّاً، ومن كبار موسريهم، وكان من الأشخاص الذين حرّموا الخمر على أنفسهم في الجاهليّة، وكانت له في عصر النّبوة مواقف كبيرة، فقد شهد الحروب، واحتمل الشّدائد في سبيل الدّين، وبذل الأموال، وكان رفيق النّبي - صلّى الله عليه وسلّم - عندما هاجر إلى المدينة، وإليه عهد النّبي - صلّى الله عليه وسلّم - بالنّاس عندما اشتدّ به المرض، وبويع بالخلافة في اليوم الذي توفي فيه النّبي - صلّى الله عليه وسلّم - سنة 11 للهجرة، وقد قام بمحاربة المرتدّين والممتنعين عن أداء الزكاة، ورفع دعائم الإسلام، وقد تمّ في أيّامه افتتاح بعض بلاد الشّام والعراق، وقد توفّي في ليلة الثّلاثاء، لثمان خلون من جمادى الآخرة، وهو ابن ثلاث وستّين سنةً، وكانت مدّة خلافته سنتين وثلاثة أشهر ونصف.
عمر بن الخطاب
إنّ عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى العدوي القرشي هو أبو حفص، وقد لقّبه النّبي - صلّى الله عليه وسلّم - بالفاروق، وأمّه هي حنتمة بنت هشام بن المغيرة المخزومية، وهي أخت أبي جهل عمرو بن هشام، ويعتبر عمر بن الخطاب ثاني الخلفاء الرّاشدين، وهو أوّل من لقّب بأمير المؤمنين، وكان في أيّام الجاهليّة من أبطال قريش وأشرافهم، وكانت له السّفارة فيهم، وقد أسلم قبل الهجرة بخمس سنوات، وشهد الوقائع كلها مع النّبي صلّى الله عليه وسلّم، حيث أرسله النّبي - صلّى الله عليه وسلّم - في عدّة سرايا.
وقد بويع عمر بن الخطاب بالخلافة في اليوم الذي توفي فيه أبو بكر الصّديق وبعهد منه، وذلك بعد استشارة النّاس فيه فوافقوه، وقد ولاه أبو بكر القضاء في عهده، فكان عمر بن الخطاب أوّل قاضٍ في الإسلام، ولم يأته مدّة ولايته القضاء متخاصمان، وذلك لأنّ طلاوة الإيمان وأخوة الإسلام منعت النّاس من الاختصام فيما بينهم، وقد قام بقطع العطاء عن المؤلفة قلوبهم بعد أن اعتزّ الإسلام وقوية شوكته، وقام بإخضاع أراضي البلاد المفتوحة عنوة للخراج، ولم يقسّمها بين الغانمين، وذلك لكي يستكملوا فريضة الجهاد، وأعادها إلى أصحابها الذين كانوا عليها وجعل خراجها حقا للمسلمين.
وكان عمر بن الخطاب هو أوّل من بدأ التّأريخ بسنّة الهجرة النّبوية، وكان أيضاً أوّل من دوّن الدّواوين في الإسلام، وقام بجعلها على الطريقة الفارسيّة، وذلك لإحصاء الأعطيات، وتوزيع المرتبات لأصحابها حسب أسبقيتهم في الإسلام، وقام باتخاذ بيت مال المسلمين.
عثمان بن عفان
وهو عثمان بن عفان بن أبي العاص بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي، الأموي القرشي، أبو عبد الله وأبو عمرو، وأمّه هي أروى بنت كريز بن حبيب بن عبد شمس، كان من كبار رجال الإسلام الذين اعتزّ بهم عند ظهوره، وقد ولد في مكة المكرمة، وأسلم بعد البعثة بقليل، وكان رضي الله عنه غنيّاً، وشريفاً في أيّام الجاهليّة، ومن أعظم الأعمال التي قام بها تجهيزه لجيش العسرة في السّنة التّاسعة للهجرة، وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد غزا فيه تبوك، وهو واحد من العشرة المبشّرين بالجنّة، وقد تولّى الخلافة بعد اغتيال عمر بن الخطاب، فهو ثالث الخلفاء الرّاشدين، وفي اختياره للخلافة قصة تعرف بقصة الشّورى.
علي بن أبي طالب
هو علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف القرشي الهاشمي، أبو الحسن، وأمّه هي فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف القرشيّة الهاشميّة، وهو أمير المؤمنين، ورابع الخلفاء الرّاشدين، وواحد من العشرة المبشّرين بالجنّة، وأوّل من أسلم من الفتيان، وهو ابن عمّ النّبي - صلّى الله عليه وسلّم - وصهره، وواحد من أشجع الأبطال، ومن أكابر الخطباء والفصحاء والعلماء بالقضاء والإفتاء، وقد كان اللواء في يده في أكثر المشاهد، ولم يتخلّف عن مشهد من المشاهد إلا في غزوة تبوك ليرعى عياله، وقد اختاره عمر بن الخطاب بعد طعنه بين السّتة من أصحاب الشورى ليخلفه واحد منهم، وهم علي بن أبي طالب، وطلحة بن عبيد الله، والزّبير بن العوام، وعبد الرّحمن بن عوف، وعثمان بن عفان، وسعد بن أبي وقاص، وقد بويع بالخلافة بعد مقتل عثمان بن عفان سنة 35هـ.