هي فاطمة بنت محمّد صلّى الله عليه وسلّم، بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف، أمّها، أمّ المؤمنين خديجة بنت خويلد رضي الله عنها، وهي أصغر بنات الرّسول عليه السلام، وقد وُلدت قبل البعثة بخمس سنين، تُكنّى فاطمة بأمّ أبيها، ولقّبت بالزهراء، أنجبت فاطمة -عليها السلام- خمسة أولاد؛ وهم: الحسن، والحسين، وأمّ كلثوم، وزينب، ومُحسن، وكان النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- يحبّها حُبّاً شديداً، ويُكرمها.
صفات فاطمة الزهراء
تمتّعت فاطمة -رضي الله عنها- بجميل الصفات، منها:
صدق القول؛ فقد قالت فيها عائشة رضي الله عنها: (ما رأيتُ أحداً كان أصدق لهجةً منها إلّا أن يكون الذي ولدها).
الحياء؛ فقد كانت حيّيةً، شديدة الحياء، حتى بلغ منها ذلك أنّها طلبت من أسماء بنت عُميس -رضي الله عنها- ألّا يراها الرجال بعد وفاتها، فخصّصت أسماء لها نعشاً، وكان النعش أول ما استخدم في ذلك الوقت، وقد أوصت فاطمة -رضي الله عنها- كذلك بألّا يُغسّلها سوى زوجها وأسماء بنت عميس؛ لشدّة حيائها.
الرضى بالقليل؛ فقد كان مهرها حين تزوّجها عليّ بن أبي طالب درعاً، وأمّا متاع بيتها فقد كان سريراً مشروطاً، ووسادة حشوها ليف، وقربة.
الصبر؛ فقد تمثّل ذلك بصبرها على خدمة زوجها وبيتها، فكانت تعمل في بيتها، ولم يكن لها خادم يُعينها في شؤونها، وكانت تخبز، وتعجن، وتربّي الأولاد، وتنظّم شؤون زوجها.
القدرة على رواية الاحاديث؛ فبالرغم من كثرة انشغلاتها، ومسؤوليّاتها اليوميّة؛ إلّا أنّها روت عن والدها ثمانية عشر حديثاً، واحداً متّفقاً عليه عند الشيخين، وقد روى عنها ابنها الحسين، وأمّهات المؤمنين عائشة وأمّ سلمة، وأنس بن مالك، وغيرهم.
سبب تسمية فاطمة بالزهراء
في الحقيقة لم يرد دليل شرعيّ على أنّ فاطمة بنت الرسول -صلى الله عليه وسلم- لُقّبت بالزهراء، ولم يُعلم أنّ أحداً من أصحاب القرون المفضلة أطلق هذا اللقب عليها، وإنّما تبيّن أنّ هذا اللقب أطلقه أهل العلم الجدد؛ وذلك نسبة للرسول صلّى الله عليه وسلّم، حيث إنّها تُشبهه في الجمال، والصورة الحسنة، وقد يُقصد بالزهراء؛ أي أنّها حَسنة اللون، أو المشرقة المنيرة، ومن هنا لقّبت سورتي آل عمران والبقرة بالزهراوان؛ أيّ المنيرتان، وقد تكون الإشارة إلى الزهر والزهور.
فضائل فاطمة الزهراء رضي الله عنها
وورد في فضل فاطمة -رضي الله عنها- عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: (أتاني ملكٌ فسلمَ عليَّ، نزلَ منَ السماءِ لمْ ينزلْ قبلَها، فبشرني أنَّ الحسنَ والحسينَ سيدا شبابِ أهلِ الجنةِ، وأنَّ فاطمةَ سيدةُ نساءِ أهلِ الجنةِ)، وسُئلت عائشة -رضي الله عنها- عن أحبّ الخلق إلى رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- فأجابت: فاطمة، فقيل: من الرجال؟ قالت: زوجها، فكان حبّ الرّسول -صلّى الله عليه وسلّم- لابنته وزوجها وأبنائهما حبّاً شديداً، وحين نزلت الآية الكريمة في أهل بيت رسول الله عليه السلام، وهي قول الله تعالى: (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّـهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا)، نادى رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- ابنته فاطمة، وزوجها عليّ، وابنيهما الحسن والحُسين رضي الله عنهم، وجللّهم في كسائه، ثمّ قال: (اللهمّ هؤلاءِ أهلُ بيتي وخاصَّتِي، أَذْهِبْ عنهم الرِّجْسَ، وطَهِّرْهم تطهيراً).
غضب النبي لابنته فاطمة الزهراء
سمع النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أنّ عليّاً بن أبي طالب خطب على فاطمة رضي الله عنها، وعرف كذلك أنّ المخطوبة هي ابنة أبي جهل عدوّ الله ورسوله، فغضب الرسول، حيث روى البخاري ومسلم أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسّلم- خطب في الناس قائلاً: (إنَّ فاطمةَ مِنِّي، وأنا أتخوَّفُ أن تُفْتَنَ في دينها، ثمّ ذكر صهراً لهُ من بني عبدِ شمسٍ، فأثنى عليهِ في مصاهرتِهِ إياهُ، قال: حدَّثني فصدَقني، ووعدني فأوفى لي، وإني لستُ أُحَرِّمُ حلالاًَ، ولا أُحِلُّ حراماً، ولكن واللهِ لا تجتمعُ بنتُ رسولِ اللهِ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- وبنتُ عدوِّ اللهِ أبداً)،وقال العلماء في ذلك بتحريم إيذاء النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- بأي شكلٍ من الأشكال، فإنّ إيذاء ابنة النبيّ -عليه السلام- هو إيذاء له، وقيل: لعلّه حكم خاصّ بفاطمة رضي الله عنها.
وفاة فاطمة الزهراء
أقبلت فاطمة -رضي الله عنها- يوماً إلى رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- فرحّب بها، وأجلسها عن يمينه، وقيل: عن شماله، ثمّ سارّها؛ أي أخبرها بسرٍّ، فبكت، ثمّ سارّها مرّةً أخرى، فضحكت، فلمّا توفي رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- سألتها عائشة عمّا قاله لها رسول الله، فقالت لها: (إنّ أوّل ما أخبرني به أنّه قد اقترب أجله فبكيت، ثمّ أخبرني أنّي سيدة نساء المؤمنين، وسيدة نساء الأمّة، ففرحت وضحكت)، وتوفّيت فاطمة وهي في التاسعة والعشرين من عمرها، وكان ذلك بعد ثلاث ليالٍ خلين من رمضان في ذاك العام، وصلّى عليها العباس بن عبد المطلب، وغسّلها زوجها علي وأسماء بنت عُميس رضي الله عنهم، ودُفنت في البقيع.