الصلاة في الإسلام لها أهميةٌ كبيرةٌ، فهي عمود الإسلام الذي يقوم عليه، وأعظم شرائعه، وهي قرينة الشهادتين اللتين ينطق بهما المسلم لإعلان إسلامه، وقد فرضها الله -تعالى- ليلة الإسراء والمعراج، وخاطب بها الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- بلا واسطةٍ، فلم يرسل ملَكاً يخبره بفرضها، وهي الفريضة التي قرنها الله -عزّ وجلّ- بالصبر، والزكاة، والجهاد، والنسك في أكثر من موضعٍ في القرآن الكريم، منها قوله: (قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)، والصلاة هي إحدى أركان الإسلام الخمسة، التي بُني الإسلام عليها، والتي ذكرها رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- في حديثه الشريف الذي قال فيه: (بُنِي الإسلامُ على خمسٍ: شَهادةِ أن لا إلهَ إلا اللهُ وأنَّ محمداً رسولُ اللهِ، وإقامِ الصلاةِ، وإيتاءِ الزكاةِ، والحجِّ، وصومِ رمضانَ)، كما أخبر الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- أنّ أول ما يُسأل عنه العبد يوم القيامة من أعماله هي الصلاة، فإن كانت صالحةً فقد صلح جميع عمله، وإن كانت فاسدةً فقد فسد جميع عمله.
وممّا يدلّ على أهمية الصلاة الكبيرة في الإسلام أنّها تفرّق بين المسلم والكافر، فالله -تعالى- قال في كتابه العزيز: (فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ)، وقد كان شقيق بن عبد الله، وهو أحد التابعين الكرام يقول عن الصحابة رضي الله عنهم، أنّهم ما كانوا يرون شيئاً من ترك الأعمال كفراً إلّا ترك الصلاة، ولذلك فقد كانت آخر وصايا الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- للمسلمين وهو في سكرات الموت تذكيرهم بالصلاة، وحثّهم عليها، والصلاة تحفظ الإنسان من المعاصي والذنوب، وتكون حاجزاً بينه وبينها، كما تكفّرها عن صاحبها، وهي نورٌ للإنسان المسلم في الدنيا والآخرة، وهي برهانٌ ونجاةٌ له يوم القيامة، كما أنّ المسلم يبلغ بالصلاة والصيام درجة الشهداء، فهي من أحبّ الأعمال إلى الله تعالى، وقد رهّب الشرع ونهى عن تأخير الصلاة عن وقتها، وتوعّد من أهملها ولم يحافظ عليها بأن يُحشر يوم القيامة مع فرعون، وهامان، وقارون، وأُبيّ بن خلف، فالواجب على المسلم أن يحافظ على أدائها في أوقاتها المحدّدة لها.
كيفية المحافظة على الصلاة
يجب على المسلم أن يجتهد في المحافظة على صلاته، والالتزام بها، وحتى يتمكّن من ذلك فلا بدّ له من بعض الأمور التي تُعينه عليها، وفيما يأتي بيان جانبٍ منها:
الاجتهاد في الابتعاد عن المعاصي، والحرص على عدم الوقوع فيها، وإن حصل ذلك فعلى المسلم أن يبادر بالتوبة، والاستغفار منها.
الحرص الكبير على أداء النوافل، والإكثار منها، فهي تُعين في المحافظة على الفرائض.
القراءة في كتب الصلاة التي تذكر أجرها، وأهميتها، وعقوبة تاركها، وترغّب المسلم في الحفاظ عليها، وعدم تفويتها.
تعلّم أسماء الله تعالى، وصفاته، وسيرة الرسول صلّى الله عليه وسلّم، وأخباره، فإنّ هذه الأمور تقوّي محبة الله ورسوله في قلب المسلم، ممّا يدفعه إلى عمل الطاعات، والالتزام بالواجبات.
الإكثار من ذكر الله تعالى، من تهليلٍ، وتكبيرٍ، وتسبيحٍ، وتحميدٍ، ونحوه، فإنّ الذكر يرقّق القلب إلى طاعة الله.
الدعاء إلى الله تعالى، والإلحاح عليه بأن يُعين على الطاعة والقربات والعبادات.
صلاة المريض
الأصل في المريض أن يصلّي صلاة الفريضة قائماً إن استطاع ذلك، حتى وإن كان منحنياً، أو متكئاً على جدارٍ، أو على عصا، أو ما شابه ذلك ممّا يحتاجه في الاعتماد عليه، فإن لم يستطع القيام بأي حالٍ كان جاز له حينها أن يصلّي جالساً، والأفضل أن يجلس متربعاً في موضع الركوع، فإذا تعسّرت الصلاة عليه وهو جالس، جاز له أن يصلّي على جنبه، والأفضل أن يكون جنبه الأيمن، مع توجّهه إلى القبلة أثناء الصلاة، فإذا لم يتمكّن من تحريك نفسه والاتجاه نحو القبلة جاز له أن يصلّي كيفما كان متوجهاً، وصلاته صحيحة، ولا تجب عليه الإعادة، فإذا لم يتمكّن من الصلاة على جنبه، جاز له أن يصلّي مستلقياً، ويجعل رجليه في اتجاه القبلة، ويفضّل أن يرفع رأسه قليلاً ليوجهه نحو القبلة، فإن لم يستطع أن يجعل رجلاه إلى القبلة صحّت صلاته، ولا إعادة عليه، ويجب على المريض أيضاً أن يركع ويسجد في صلاته طالما كان قادراً على ذلك، فإن تعذّر عليه، ولم يستطع فله أن يومئ برأسه في الركوع والسجود، ويجعل إيماءة رأسه بالسجود أخفض منها في الركوع.
وإذا كان المريض قادراً على الركوع دون السجود وجب عليه أن يأتي بالركوع، ويومئ برأسه للسجود، وكذلك الحال إن كان قادراً على الإتيان بالسجود دون الركوع، فيجب عليه الإتيان به والإيماء برأسه في الركوع، وإن كان المريض بحالٍ لا تسمح له بالإيماء بالرأس للركوع والسجود، فله أن يشير إليهما بعينيه، فيغمض قليلاً للركوع، ويغمض تغميضاً للسجود، ولا أصل لتحريك الأصابع، أو الإشارة بها في هذه الحالة، كما يفعل بعض العوامّ، فلم يُذكر ذلك لا في الكتاب، ولا في السنة، ولا في أقوال العلماء، وإذا كان المريض غير قادرٍ حتى على الإشارة بعينيه للركوع والسجود، فلا بأس عليه أن ينويهما في قلبه، فيستشعر القيام، والقعود، والركوع، والسجود في قلبه، والأصل في المريض أن يصلي كلّ صلاةٍ في وقتها، فإن شقّ عليه ذلك جاز له أن يصلّي الظهر والعصر جمع تقديمٍ أو تأخيرٍ، والمغرب والعشاء جمع تقديمٍ أو تأخيرٍ أيضاً، ولا يجوز له جمع الفجر مع أي صلاةٍ، وإذا كان المريض مسافراً جاز له أن يقصر الصلاة الرباعية، فيصلّيها ركعتين.