الايمان بالله
كيف تقوي ايمانك بالله
تعريف الايمان
الإيمان في الدين الإسلامي هو التصديق والاطمئنان، وهو من مادة أمن في اللغة، والتي توسعت فيها كتب اللغة توسعا يشبع فهم الباحث. وفي الاصطلاح الشرعي فهو الإيمان بالله، والإيمان بملائكته، والإيمان بكتبه. والإيمان برسله، والإيمان باليوم الآخر، والإيمان بالقدر خيره وشره
قال ابن عبد البر: «أجمع أهل الفقه والحديث على أن الإيمان قول وعمل ولا عمل إلا بنية.».
قال الشافعي في كتاب الأم: «وكان الإجماع من الصحابة، والتابعين من بعدهم ممن أدركنا: أن الإيمان قول وعمل ونية لا يجزئ واحد من الثلاثة عن الآخر.».
قال محمد بن إسماعيل بن محمد بن الفضل التيمي الأصبهاني: «والإيمان في لسان الشرع هو التصديق بالقلب، والعمل بالأركان».
قال سفيان بن عيينة: «الإيمان قول وعمل، يزيد وينقص.».
قال أبو الحسن الأشعري: «وأجمعوا على أن الإيمان يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية، وليس نقصانه عندنا شك فيما أمرنا بالتصديق به، ولا جهل به، لأن ذلك كفر، وإنما هو نقصان في مرتبة العلم وزيادة البيان كما يختلف وزن طاعتنا وطاعة النبي صلى الله عليه وسلم وإن كنا جميعا مؤدي للواجب علينا»
ذهب علماء أهل السنة والجماعة إلى أنّ الإيمان يزداد وينقص، فالطاعة تزيد الإيمان في القلب والمعصية تُنقصه، وفصّل العلماء أسباب زيادة الإيمان في القلب كما يأتي:
معرفة الله -تعالى- بأسمائه وصفاته؛ فمن تجلّت له معرفة الله -تعالى- وتعرّف على أسمائه وصفاته فإنّ ذلك يزيد الخشوع واليقين في قلبه، وبالتالي يزيد ويفيض إيمانه بالله تعالى.
طلب العلم؛ فطلب العلم النافع يُوصل صاحبه إلى الزيادة في الخشوع والمعرفة التي تزيد الإيمان في القلب، قال الله تعالى: (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ)
وأحسن العلوم علوم الحلال والحرام والأخلاق والقرآن.
الإكثار من قراءة القرآن الكريم وتعلّمه وتدبّره؛ فالقرآن الكريم كلام الله -تعالى- ولا يوجد شيء أنفع للمسلم من تلاوته وتدبّره ممّا يوصل الإنسان إلى القيام بأوامر ربه ومناجاته والشعور بقُربه، ممّا يثبّت الإيمان في القلب، وخصّ الله -تعالى- المؤمنين بزيادة إيمانهم كلّما قرؤوا القرآن الكريم، فقال: (إِنَمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ ءَايَتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ).
التفكّر في خلق الله تعالى؛ فمَن يُمعن النظر في آيات الله -تعالى- في الخلق يُدرك قدره وحقيقة نفسه، وقدرة الله -تعالى- وعظمته في إيجاد التناسق والتوازن في الكون، ممّا يزيد الإيمان بالله -تعالى- وعظمته.
ذكرُ الله تعالى؛ فذكر المسلم لربّه يُطمئن القلب ويحييه، حيث قال عمير بن حبيب حين سُئل عن زيادة الإيمان ونقصانه: (إذا ذكرنا ربّنا وخشِيناه فذلك زيادته، وإذا غفلنا ونسِيناه وضيّعنا فذلك نقصانه).
الإكثار من الأعمال الصالحة والطاعات؛ فمن يُمعن النظر يجد أنّ الله -تعالى- قرن بين الإيمان والعمل الصالح مِراراً، وقرن كذلك بين الإيمان وهنيء العيش وراحته، ومن ذلك قول الله تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ).
تجنّب المعاصي؛ فعقيدة أهل السنة والجماعة تثبت أنّ إتيان الطاعات تزيد الإيمان في القلب وأنّ المعاصي تُنقصه.
الصحبة الصالحة؛ فهي تُعين المسلم وتشجّعه على الطاعات والصالحات، وقد يتنافس الأصحاب على طاعةٍ ما فتكون الصحبة بذلك سبباً لزيادة الإيمان لكليهما.
التضرّع والابتهال إلى الله تعالى؛ بالثّبات والهداية، حيث أرشد الرّسول -صلّى الله عليه وسلّم- إلى ذلك بقوله: (إنَّ الإيمانَ لَيَخْلَقُ في جَوْفِ أحدِكُمْ كَما يَخلَقُ الثّوبُ، فاسْألُوا اللهَ -تعالَى- أنْ يُجَدِّدَ الإيمانَ في قُلوبِكمْ).
يتحقّق الإيمان بالله -تعالى- حين تستقرّ في نفس المسلم عدّة حقائق؛ وهي:
الإيمان بأنّ الله -تعالى- متفرّد بالخلق والتدبير المطلق لأمور الكون والإنسان، والإيمان بأن لا شريك له في ذلك ولا نظير، قال الله تعالى: (إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ)،[٩] فالتوحيد يقرّه أكثر الناس وهو منسجم مع فطرتهم التي فطرهم الله -تعالى- عليها، حيث قال: (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ)فلا يُنكر هذا التوحيد إلّا جاحد متكبّر أيقن في نفسه حقيقة الصواب إلّا أنّه أخفاها لمصلحةٍ وسيادةٍ شخصيّةٍ، مثل فرعون حين تكبّر وجعل نفسه إلهاً أمام بني إسرائيل.
الاعتقاد بأنّ الله -تعالى- واحد مستحقّ للعبادة والإخلاص فيها، ولا أحد سواه يستحقّ أن يكون إلهاً من دون الله، فالمؤمن يُفرد ربه -عزّ وجلّ- بالعبادة والطاعات ابتغاء نيل رضوانه، ومن ذلك اتباع الرّسول -صلّى الله عليه وسلّم- والإيمان به نبيّاً ورسولاً.
الإقرار بما أثبته الله -تعالى- لنفسه من الأسماء الحسنى والصفات العُلا، فمنها ما ورد في القرآن الكريم ومنها ما ورد في السنة النبوية، والواجب على المسلم أن يؤمن بها كلّها ويصدّقها ويعمل بمُقتضاها من غير تحريفٍ ولا تكييفٍ ولا تعطيلٍ ولا تمثيلٍ، ومن ذلك أيضاً أن ينزّه المسلم ربّه عن جميع صفات النقص والعيب وما هو من خصائص الخلق، قال الله تعالى: (وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) وفي العموم فإنّ واجب المسلم نحو أسماء الله -تعالى- وصفاته هو:
قبول ألفاظها والإيمان والتسليم بها.
حملها على حقيقتها وظاهرها.
تنزيه الله -تعالى- عن مشابهة أحدٍ من خلقه في الصفات.
حمد الله -تعالى- ودعاؤه بها بما يناسب الحال والموقف.