القرآن الكريم آخر كتاب سماويّ مُقدس، أنزله الله سبحانه وتعالى على سيدنا محمد، يُعتبر القرآن الكريم أعظم الكتب التي عرفتها البشرية، فهو حد فاصل في تاريخ البشرية، فقد أخرج الناس من الظلمات إلى النور؛ ونظّم حياة الإنسان من جميع نواحيها المختلفة، بعد أن كانت مُبعثرة وغير منظمة، حيثُ يُعتبر منهجاً كاملاً متكاملاً يحمل من التشاريع والقوانين والأنظمة ما يضمنُ سعادة الإنسان، بعيداً عن التفكك الفكريّ والاقتصادي والاجتماعي وحتى السياسيّ، ففيه كل ما يحتاج إليه المسلم من مُيسرات الحياة وأنظمتها. وقد أُنزل القرآن على سيدنا محمد مفرقاً لمدة ثلاثة وعشرين عاماً، وكان يُكتب على الجلود وورق النخيل، ونظراً لاستشهاد حفظة القرآن في المعارك، وبعد وفاة الرسول عليه الصلاة والسلام أمر الصحابةُ بجمع القرآن الكريم خوفاً من ضياعه أو تحريفه، كما حُرفت الكتب السماويّة السابقة
عدد اجزاء القران الكريم
يظهر لمن ينظر في المصحف الشريف أنّه مقسّم إلى ثلاثين جزءاً وستّين حزباً، لكنّ هذا التقسيم ليس توقيفيّاً أمر به الرسول صلى الله عليه وسلم، ولكنّه اجتهادٌ أتى به الحجاج بن يوسف الثقفي، وقد كان حاكماً حينئذٍ، فانتشر المصحف وطبع على هذه الهيئة في زمن حُكمه، لكنّ التقسيم السابق لم يكن موجوداً في عهد الصحابهرضي الله عنهم، بل إنّ ما كان منتشراً في عهدهم هو تقسيم المصحف إلى أقسام بحسب السور، فكانوا يقولون: (ثَلَاثٌ، وَخَمْسٌ، وَسَبْعٌ، وَتِسْعٌ، وَإِحْدَى عَشْرَةَ، وَثَلَاثَ عَشْرَةَ، وَحِزْبُ الْمُفَصَّلِ وَحْدَهُ)، وكانوا يقصدون بذلك: أول ثلاث سور إلى سورة النساء، ثم خمس سور إلى التوبة، ثم سبع إلى نهاية النحل، ثمّ تسع إلى نهاية الفرقان، ثمّ إحدى عشرة إلى نهاية سورة يس، ثمّ ثلاث عشرة إلى نهاية سورة الحجرات، ثم الباقي وهو من نهاية الحجرات إلى سورة الناس.
في تقسيم القرآن الكريم أجزاءً وأحزاباً:
(قد علم أن أول ما جُزِّئَ القرآن بالحروف تجزئةَ ثمانية وعشرين، وثلاثين، وستين، هذه التي تكون رؤوس الأجزاء والأحزاب في أثناء السورة، وأثناء القصة ونحو ذلك، كان في زمن الحجاج وما بعده، وروي أن الحجاج أمر بذلك، ومن العراق فشا ذلك، ولم يكن أهل المدينة يعرفون ذلك) ويذكر ابن تيمية أنّ هذا التحزيب والتقسيم الذي جعله الصحابة هو الأفضل والأولى، ويوضّح ذلك بقوله: (أن هذه التحزيبات المحدثة تتضمن دائماً الوقوف على بعض الكلام المتصل بما بعده، حتى يتضمن الوقف على المعطوف دون المعطوف عليه، فيحصل القارئ في اليوم الثاني مبتدئاً بمعطوف)، كقوله تعالى: (وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاء إِلاَّ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ)، وقوله: (وَمَن يَقْنُتْ مِنكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ)،وأمثال ذلك، ويضيف قائلاً إنّ النبي وأصحابه كانوا يتحرّون القراءة من مطلع السورة إلى نهايتها، ولا يتوقّفون في وسطها، وإنّ من يقرأ القرآن اليوم بأحزابه وأجزائه فإنه كثيراً ما يقف في وسط السورة، وذلك خلافٌ للسنة، وجاء التأكيد من فتاوى اللجنة الدائمة على ذلك بما نقل عنها: والحاصل أن تحزيب المصاحف المثبت اليوم يعتمد عدد الأحرف، وهو خلاف التحزيب الأفضل الذي سلكه الصحابة رضوان الله عليهم تبعاً للسور، والأمر في هذا سهل.