صلاة الجمعة ، صلاة الجمعة للمرأة فى المنزل ، حكم ترك صلاة الجمعة ، سنن الجمعة وآدابها ،
صلاة الجمعة
يحرص الإسلام على الاجتماع بين المسلمين في مختلف أشكاله، فيهتم باجتماعهم في الأعمال، والأقوال، والقلوب، وكلّ ما من شأنه أن يزيد من أواصر الألفة والمحبة بين المسلمين، ويجعل المجتمع المسلم متيناً قوياً متماسكاً، ولذلك فقد شرع الله -تعالى- من العبادات ما لا تتم إلّا بالاجتماع بين المسلمين؛ منها صلاة الجمعة، وصلاة الجمعة هي: ركعتان يصليهما الإمام بالناس، بعد أن يلقي خطبة الجمعة الخاصة بهذه العبادة، ويسنّ للإمام أن يقرأ في الركعة الأولى بعد سورة الفاتحة سورة الجمعة، وأن يقرأ في الركعة الثانية سورة المنافقون، وقد ورد في السنة أيضاً، أن يقرأ في الركعة الأولى سورة الجمعة، وفي الركعة الثانية سورة الغاشية، كما ورد وجهٌ آخرٌ في السنة، وهو قراءة سورة الأعلى في الركعة الأولى، والغاشية في الركعة الثانية، والأفضل أن يقرأ في كلّ جمعةٍ واحدةً من تلك الوجوه الواردة في السنة؛ حتى يحييها جميعاً ويعمل بها، ولا بأس أن يقرأ ما تيسر من القرآن، وإنّ لصلاة الجمعة سنّةٌ تُلحق بها، فإذا صلّاها المسلم في البيت، كانت ركعتين، أمّا إن صلّاها في المسجد فهي أربع ركعاتٍ بسلامين.
تجب صلاة الجمعة على كلّ مسلمٍ ذكرٍ بالغٍ عاقلٍ مقيمٍ حرٍ قادرٍ على السعي إليها، وخالٍ من الأعذار التي تبيح له التخلف عن صلاة الجمعة، وصلاة الجمعة غير واجبةٍ على المرأة والصبي باتفاق العلماء، ولا على المريض الذي يشق عليه السعي إلى صلاة الجمعة، وقد يؤدي ذلك إلى زيادة مرضه، أو تأخر شفائه، ولا تجب صلاة الجمعة على المسافر، حتى وإن كان نازلاً في وقت إقامتها؛ لفعل النبي صلّى الله عليه وسلّم، والخلفاء من بعده، ولا تجب كذلك على المدين الذي لا مال له يسد به دينه، ويخشى على نفسه الحبس، ولا تجب كذلك على من كان مختبئاً من حاكمٍ ظالمٍ، وكلّ من كان معذوراً بترك الجماعة، فهو معذورٌ بترك صلاة الجمعة، وصلاة الجمعة تسْقط صلاة الظهر، فلا يجوز لمن صلّى صلاة الجمعة أن يصلّي بعدها ظهراً، وفيما يتعلق في وقت صلاة الجمعة؛ فيكون أفضله بعد زوال الشمس إلى نهاية وقت الظهر، ويجوز أداء صلاة الجمعة قبل الزوال، ويشرع لصلاة الجمعة أذانان، الأول فيهما يكون قبل الزوال، والثاني يكون قبيل دخول الإمام للخطبة، والأفضل أن يكون بين الأذانين فاصلٌ زمنيٌ جيدٌ، يتيح للمسلم أن يستعد لصلاة الجمعة، ويأخذ بآدابها وسننها.
كيفية صلاة الجمعة للمرأة في البيت
اتفق أهل العلم على أنّ صلاة الجمعة غير واجبةٍ في حقّ النساء، فالواجب عليهنّ يوم الجمعة أن يصلين صلاة الظهر، أربع ركعاتٍ في بيوتهنّ، واستدلوا على ذلك بقول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (الجمعةُ حقٌّ واجبٌ على كلِّ مسلمٍ في جماعةٍ إلاَّ أربعةً عبدٌ مملوكٌ أوِ امرأةٌ أو صبيٌّ أو مريضٌ)،[٤] وقد أجمع العلماء كذلك على أنّه لا حرج على المرأة إن حضرت صلاة الجمعة في المسجد، وصلّتها مع الإمام، وتجزئ حينها صلاة الجمعة عن صلاة الظهر، بدليل حضور النساء لصلاة الجماعة مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، والواجب على المرأة حينها أن تبتعد عن التعطر، والتزين، ومزاحمة الرجال في الطريق، وأن تلتزم بالضوابط الشرعية لخروجها من منزلها؛ لأنّ الحكمة من عدم وجوب صلاة الجمعة على المرأة، حرص الشارع الدائم على عدم حضور المرأة لمحافل الرجال، واجتناب الاختلاط بهم؛ لما في ذلك من عواقبٍ وآثارٍ سلبيةٍ.
أما أن يؤدي الفرد صلاة الجمعة في البيت وحده، فلا يصحّ ذلك لا من رجلٍ ولا من امرأةٍ؛ لأنّ صلاة الجمعة إنّما تشرع جماعةً، ولا يصحّ فيها الانفراد، وعلى فرض أنّ جماعةً من الرجال أو من النساء أرادوا أن يصلوا الجمعة في البيت جماعةً، فلا يصحّ ذلك منهم أيضاً؛ لأنّ الهدف من صلاة الجمعة، اجتماع المسلمين في مكانٍ واحدٍ، والاستماع إلى الخطبة، والانتفاع بها، فالحاصل أن المرأة إمّا أن تذهب للمسجد، فتصلي فيه صلاة الجمعة، فتصحّ منها وتجزؤها عن صلاة الظهر، أو أن تصلي المرأة الظهر أربع ركعاتٍ في بيتها، والأفضل أن تصلي المرأة في بيتها؛ لحديث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (لا تَمنَعوا نساءَكم المساجدَ، وبيوتُهنَّ خيرٌ لهن).
حكم ترك صلاة الجمعة
على من فاتته صلاة الجمعة أن يقضيها في البيت أربع ركعاتٍ ظهراً، فإن كان ترك المسلم لصلاة الجمعة بعذرٍ فلا إثم عليه، أمّا إن لم يكن معذوراً؛ فإنّه يأثم إثماً عظيماً، فترك صلاة الجمعة كبيرةٌ من كبائر الذنوب عند الله تعالى، وقد توعّد رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- من ترك صلاة الجمعة لثلاثة جُمعٍ، أن يطبع الله -تعالى- على قلبه، فيكون بذلك من الغافلين، حيث قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (مَنْ ترَكَ ثلاثَ جُمَعٍ تَهاوُنًا بِها، طبعَ اللهُ على قلْبِهِ)،[٧] والعقوبة عقوبةٌ قلبيةٌ، فبذلك تكون أشدّ وأبلغ من العقوبة الجسدية؛ من سجنٍ، أو جلدٍ أو نحوه، وعلى الإمام المسلم وولي أمر المسلمين، أن يعاقب كلّ من يترك صلاة الجمعة بلا عذرٍ؛ حتى ينهاهم عن جريمتهم تلك ويردعهم عنها.
سنن الجمعة وآدابها
يسنّ للمسلم يوم الجمعة أن يؤدي بعضاً من السنن، وفيما يأتي بيانها:
الاغتسال، فقد وصّى به رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- يوم الجمعة في أحاديثٍ كثيرةٍ.
أخذ الزينة والتجمّل والتعطّر.
التبكير في الذهاب إلى صلاة الجمعة، فقد استحبّ ذلك العلماء، واختلفوا في وقت التبكير، فذهب الجمهور إلى استحباب الذهاب إلى صلاة الجمعة من أول النّهار، حتى أنّ الشافعي -رحمه الله- رأى أنّه من الأفضل أن يخرج المسلم إلى صلاة الجمعة بعد صلاة الفجر، وقبل طلوع الشمس، وقال الإمام مالك: إنّ وقت التبكيرالمشروع، إنّما هو الزوال لا أول النهار.
الذهاب إلى صلاة الجمعة مشياً على الأقدام؛ لما للمشي من دلالةٍ واضحةٍ على التواضع.
الإنصات لخطبة الجمعة، وعدم اللغو أثناءها.
أداء ركعتين تحيةً للمسجد، حتى وإن وصل المسلم والإمام يخطب.
التنفّل قبل صلاة الجمعة وبعدها، ولا يوجد قبل صلاة الجمعة سنةٌ راتبةٌ في أصحّ أقوال العلماء وإنّما يُستحب التنفل المطلق، وأمّا بعدها فقد جاء بيان ذلك فيما سبق.