الشّورى في نظام الحكم الإسلاميّ هي إحدى الأسس الثّابتة في الحكم الإسلاميّ
يعدّ الحوار من الطّرق المثلى لإقناع الشخص المُخالِف، ومفتاح القلب لطريق الحقّ، كما يعد الحوار من أساليب التواصل والتفاهم بين الناس، بالإضافة إلى التعارف والتآلف بينهم، ومنهج الدعوة والإصلاح في مجتمعهم، ومسلك التربية والتعليم لنشأة أجيالهم، ومَجْمَع التقارب والالتقاء فيما بينَهم، وتعدّ الشورى من صور الحوار التي برزت في المجتمع الإسلامي، أما الديمقراطية فنشأت حديثًا في المجتمع المدني، وفي هذا المقال سيتم تعريف الديمقراطية، وتعريف الشورى، والفرق بين الشورى والديمقراطية، وآداب الحوار مع الآخرين.
قبل معرفة الفرق بين الشورى والديمقراطية، يجب التعرّف على تعريف كلٍّ من الديمقراطية والشورى، حيث تعرف الشورى لغةً: "الأمر الذي يُتشاور فيه"، قال الراغب الأصفهانيّ: "التشاور والمشاورة والمشورة: استخراج الرأي بمراجعة البعض إلى البعض من قولهم: شرت العسل إذا اتخذته من موضعه واستخرجته منه"، وفي اللسان: "عن ثعلب أن شار الدابة يشورها شورًا وشِوارًا وشوّرها وأشارها، كل ذلك: راضها أو ركبها عند العرض على مشتريها، وقيل: عرضها للبيع، وقيل: بلاها ينظر ما عندها، وقيل: قلبها، والتشوير: أن تشور الدابة تنظر كيف مشوارها أي كيف سيرتها"، كما تعرف الشورى اصطلاحًا على أنها: "طلب الرأي من أهله، وإجالة النظر فيه، وصولاً إلى الرأي الموافق للصواب"، وقد عرفه الباحثون بتعريف عدة منها: "تعني تقليب الآراء المختلفة ووجهات النظر المطروحة في قضية من القضايا واختبارها من أصحاب العقول والأفهام حتى يتوصل إلى الصواب منها أو إلى أصوبها وأحسنها ليعمل به لكي تتحقق أحسن النتائج".
تعود كلمة الديمقراطية إلى أصولٍ إغريقية، حيث إنها تتكون من لفظين يونانيين، هما Demos وتعني الشعب، وKrates وتعني السلطة، وبناءً على ذلك فإن الديمقراطية تعني: "سلطة الشعب" أو "حكم الشعب"، وبالتالي فإن الحكومة الديمقراطية هي: "الحكومة التي تعبر عن الأغلبية الشعبية المستندة إليها، وبالتالي من الممكن تعريف الديمقراطية على أنها: "نظام حكم يرتكز إلى اختيار أفراد الشعب لحكامهم، وقدرتهم على مراقبتهم ومساءلتهم، وتمتعهم بكافة حقوقهم وحرياتهم، كما يقرر مبدأ التعددية السياسية وتداول السلطة".
وأهم ما يتميز به مبدأ الديمقراطية هو اعتبار الشعب صاحب السيادة، وذلك بغص النظر عن الطريقة التي تمارس بها هذه السيادة، كما تعد الديمقراطية من المذاهب السياسية، فهي ليست مذهبًا اجتماعيًا أو اقتصاديًا، وفي الوقت ذاته تعد الديمقراطية مذهبًا فرديًا يرمي إلى تمتع أفراد الشعب بكافة حقوقهم السياسية بصفتهم أفرادًا، ودون النظر إلى أي اعتبار آخر يتعلق بعضويتهم في أي جماعة من الجماعات أو انتمائهم إلى أي طبقة من الطبقات.
ومنهم من يعرفها على أنها: "هي تبادل الآراء في أمر من الأمور لمعرفة أصوبها وأصلحها لأجل اعتماده والعمل به"، وقد عُرفت الشورى أيضًا بأنها: "استنباط المرء رأياً فيما يَعرض له من الأمور والمشكلات، وهذا التعريف يدخل فيه التشاور في كل ما يعرض من المشاكل بين الأسرة"، قال الله تعالى: {فَإِنْ أَرَادَا فِصَالاً عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا}، ويُستفاد من هذه الكريمة ضرورة التشاور في جميع أمور الحياة حتى الانفصال بين الزوجين، وبالتالي فإن الشورى في النظام الإسلامي منهج رباني، فهي من الأمور المهمة التي يجب الأخذ بها، فقال تعالى: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ}.
بالرغم من أن الشورى والديمقراطية كلاهما وجهان لعملة واحدة، إلا أن الفرق بين الشورى والديمقراطية أصبح واضحًا جدًا خاصة في الوقت الحالي، فمن يتمسك بالشورى يرفض الديمقراطية والعكس الصحيح، أما الفرق بين الشورى والديمقراطية فهو كالآتي:
بعد معرفة الفرق بين الشورى والديمقراطية، يجب معرفة آداب الحوار، وأول آداب الحوار أن تكون نية كل من المتحاورين متجهة إلى إظهار الحق، لا من أجل السمعة والرياء واستغلال حاجات الآخرين، كما من الواجب ان يكون الحوار هادفًا لا إضاعة للوقت، فالحوار الذي يرمي إلى إعلاء الباطل لا فائدة، والابتعاد عنه أفضل، لذلك يجب أن يتجه الحوار حول الحق، وما يرضي الله تعالى فقط، ومن الواجب أن يتصف المحاور بالتواضع وحسن الخلق عند عرض أفكاره وأهدافه، فكلما كان المتحدث منتقيًا لكلماته وألفاظه السهلة المتواضعة، كان أدعى لاتِّباع رأيه والعمل به.
ومن الواجب احترام جميع القدرات العلمية، فيجب على الشخص المتعلم أن يعطف ويرأف على الشخص الذي أقل من علمًا، قال الله تعالى: {وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ}، كما يتعين على المحاور أن يتقن فن الإستماع إلى الآخرين، فالإستماع فن، والحوار الناجح يُبنى على سماع آراء جميع الأطراف، ولا يجوز للمتحاور أن يُناقش في موضوع لا يعرفه وليس له علم به، أو أن يدافع عن فكرة لم يقتنع بها، لأن ذلك فعل سيء لا يقود إلى الفكرة والقضية التي يدافع عنها، وأخيرًا الحوار الناجح يُبنى على الأدلة والبراهين الصحيحة، لا على الأمور الشائعات التي تنشر دون تثبت.