السلطان سليمان القانوني
- سليمان خان الأول بن سليم خان الأول (بالتركية العثمانية: سلطان سليمان اول)؛ (بالتركية: Sultan Süleyman-ı Evvel) (ميلاد: 6 نوفمبر 1494 بطرابزون، وفاة: 7 سبتمبر 1566 بسيكتوار)، عاشر السلاطين العثمانيين وخليفة المسلمين الثمانون، وثاني من حمل لقب "أمير المؤمنين" من آل عثمان. بلغت الدولة الإسلامية في عهده أقصى اتساع لها حتى أصبحت أقوى دولة في العالم في ذلك الوقت. وصاحب أطول فترة حكم من 6 نوفمبر 1520م حتى وفاته في 7 سبتمبر سنة 1566م خلفاً لأبيه السلطان سليم خان الأول وخلفه ابنه السلطان سليم الثاني. عُرف عند الغرب باسم سليمان العظيم (The Great Suleyman) وفي الشرق باسم سليمان القانوني (بالتركية العثمانية: قانونى سلطان سليمان؛ بالتركية: Kanunî Sultan Süleyman) لما قام به من إصلاح في النظام القضائي العثماني. أصبح سليمان حاكمًا بارزًا في أوروبا في القرن السادس عشر، يتزعم قمة سلطة الدولة الإسلامية العسكرية والسياسية والاقتصادية. قاد سليمان الجيوش العثمانية لغزو المعاقل والحصون المسيحية في بلغراد ورودوس وأغلب أراضي مملكة المجر قبل أن يتوقف في حصار فيينا في 1529م. ضم أغلب مناطق الشرق الأوسط في صراعه مع الصفويين ومناطق شاسعة من شمال أفريقيا حتى الجزائر. تحت حكمه، سيطرت الأساطيل العثمانية على بحار المنطقة من البحر الأبيض المتوسط إلى البحر الأحمر حتى الخليج.
- في خضم توسيع الإمبراطورية، أدخل سليمان إصلاحات قضائية تهم المجتمع والتعليم والجباية والقانون الجنائي.
- حدد قانونه شكل الإمبراطورية لقرون عدة بعد وفاته.
- لم يكن سليمان شاعراً وصائغاً فقط بل أصبح أيضاً راعياً كبيراً للثقافة ومشرفاً على تطور الفنون والأدب والعمارة في العصر الذهبي للإمبراطورية العثمانية .
- تكلم الخليفة أربع لغات: العربية والفارسية والصربية والجغائية (لغة من مجموعة اللغات التركية مرتبطة بالأوزبكية والأويغورية).
- يعتبر بعض المؤرخين هذا السلطان أحد أعظم الملوك لأن نطاق حكمه ضم الكثير من عواصم الحضارات الأخرى كأثينا وصوفيا وبغداد ودمشق وإسطنبول وبودابست وبلغراد والقاهرة وبوخارست وتبريز والجزائر وغيرها.
نسبه
سليمان الأول بن سليم الأول بن بايزيد الثاني بن محمد الفاتح بن مراد الثاني بن محمد الأول بن بايزيد الأول بن مراد الأول بن أورخان غازي بن عثمان بن أرطغرل.
اللقب الكامل
- سليمان القانوني صاحب الجلالة الامبراطورية السلطان سليمان الأول،
- حاكم بيت عثمان،
- سلطان السلاطين،
- خان الخانات، أمير المؤمنين
- وخليفة رسول الله في الأرض
- حامي المدن المقدسة الثلاث مكة والمدينة والقدس،
- امبراطور المدن الثلاث القسطنطينية وأندرينوبول وبورصة ودمشق والقاهرة وأرمينيا كلها والمغريس وبركة والقيروان وحلب وعراق العرب والعجم والبصرة والأحساء وديلان والرقة والموصل وبارثية وديار بكر وقيليقية وولاية إرزوروم وسيفاس وأضنة وكارامان وفان وأرض البربر والحبشة وتونس وطرابلس وقبرص ورودوس وكنـْدية وولاية موريا وبحر مرمرة والبحر الأسود وشواطئه وأناطوايا وروميليا وبغداد وكردستان واليونان وتركستان وتاتاريا وسيركاسيا ومنطقتي كاباردا وجورجيا وسهل كبشاك وكل بلاد التتر وكيفة والبلاد المجاورة لها والبوسنة وتوابعها ومدينة وقلعة بلغراد وولاية صربيا وقلاعها ومدنها وحصونها وكل ألبانيا وإفلاق وبلاد بغدان كما توابعها وحدودها، وعدة مدن وبلدان أخرى.
بداية حياته
- ولد سليمان في طرابزون الواقعة على سواحل البحر الأسود يوم 6 نوفمبر 1494 لوالدته عائشة حفصة سلطان أو حفصة خاتون سلطان التي ماتت في 1534.
- حينما بلغ السابعة، ذهب ليدرس العلوم والتاريخ والأدب والفقه والتكتيكات العسكرية في مدارس الباب العالي في القسطنطينية.
- استصحب في طفولته إبراهيم وهو عبد سيعينه لاحقاً صدراً أعظماً في المستقبل.
- تولى سليمان الشاب وعمره سبعة عشر سنة منصب والي فيودوسيا ثم ساروخان (مانيسا) ولفترة قصيرة أدرنة.
- بعد وفاة والده سليم الأول (1465-1520)، دخل سليمان القسطنطينية وتولى الحكم كعاشر السلاطين العثمانيين.
- يقدم مبعوث جمهورية البندقية، بارتلوميو كونتاريني، أقدم وصف للسلطان بعد أسابيع من توليه الحكم فيقول: يبلغ من العمر الخمسة والعشرين، طويل ونحيف، وبشرته حساسة.
- عنقه طويل قليلا، وجهه رقيق ومعقوف الأنف.
- شارباه متدليان ولحيته قصيرة ومع ذلك له طلعة لطيفة مع بشرة تميل إلى الشحوب.
- يقال أنه حكيم ومولع بالدراسة والتعلم وكل الرجال يأملون الخير من حكمه وله عمامة كبيرة للغاية.
- يعتقد بعض المؤرخين أن سليمان الشاب كان يكن التقدير للإسكندر الأكبر.
- حيث تأثر برؤية الإسكندر لبناء إمبراطورية عالمية من شأنها أن تشمل الشرق والغرب، وهذا خلق دافعا لحملاته العسكرية اللاحقة في آسيا وأفريقيا، وكذلك في أوروبا.
أسرته
زوجاته
- مهدفران سلطان
- خرم سلطان
- كلفم خاتون
- فولانة خاتون
أبناءه
- شاهزاده محمود - (1530-1533) - من زوجته مهدفران سلطان
- شاهزاده مصطفى - (1515 - 1553) - من زوجته مهدفران سلطان.
- أكبر أبنائه الذين وصلوا إلى سن البلوغ وولي العهد من 1521 إلى 1553. اغتيل في 1553.عين بسنجق مانيسا في عهد والده.
- شاهزاده محمد - (1521 - 1543) - أكبر أبناءه من خُرَّم سلطان. ووالي مانيسا في 1542-1543. قبل موته كان يعتبر الوريث الأوفر حظا لخلافة والده.عين بسنجق مانيسا في عهد والده.
- شاهزاده عبد الله - (1522 - 1526) - من زوجته خرم سلطان.
- مات وهو طفل.
- شاهزاده سليم - (1524 - 1574) - من زوجته خرم سلطان.
- بعد موت مصطفى في 1553 أصبح ولي العهد وبعد موت بايزيد في 1561 أصبح الوريث الوحيد. فخلف والده في 1566.
- وفي عهده كانت الدولة العثمانية قوة عظمى كعهد أبيه وتمكن الجيش العثماني من هزيمة روسيا والدخول إلى موسكو. وتزوج نوربانو سلطان (راكيل ناسي 1525-1583) في 1545.
- ولد ابنه الأول مراد في 1546 الذي بدوره أصبح سلطانا.
- عين بسنجق قونية ومن ثم في مانيسا في عهد والده.
- شاهزاده بايزيد - (1525 - 1561) - من زوجته خرم سلطان.
- ومنافس سليم الوحيد لخلافة سليمان وعهد له بعدة مناصب توفي عام 1561 مع أبنائه.
- عين بسنجق كوتاهيه في عهد والده.
- شاهزاده جيهانغير - (1531 - 1553) - من زوجته خرم سلطان.
- وهو أحدب ومات من شدة الحزن على مقتل مصطفى.
- كان بحلب وكان مع والده فتوفي بها، وصلّى عليه أبوه.
- شاهزاده أحمد - -
- شاهزاده مراد - (شتنبر 1521- أكتوبر 1521) - من زوجته كلفم خاتون.
- مات في 1521 وهو طفل يتعلم المشي.
- شاهزاده أورخان - (1533-1540) -
بناته
- السلطانة مهرماه - (1578 - 1526) - كبرى بناته من خُرَّم سلطان.
- وتزوجت في 1539 رستم باشا، وهو جنرال كرواتي عثماني أصبح صدرًا أعظمًا مرتين لاحقا.
- راضية سلطان - (1525-1570) - من زوجته مهدفران سلطان
- فاطمة نور - (1520-1562) - من زوجته فولانة خاتون
- فاطمة سلطان - - من زوجته
- فتاة بلا اسم - توفيت عند ولادتها
توليه مقاليد السلطة
تولى السلطان سليمان القانوني بعد موت والده السلطان سليم الأول في 9 شوال 926هـ - 22 سبتمبر 1520م، حيث كان في الصيد بعيدا عن والده ولم يحضر وفاته بسبب الخوف من القتل الذي زرعه السلطان سليم الأول في الجميع، وبدأ في مباشرة أمور الدولة العثمانية، وتوجيه سياستها، وكان يستهل خطاباته بالآية القرآنية إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
حركات التمرد في عهده
- كان عهد القانوني قمة العهود العثمانية سواء في الحركة الجهادية أو في الناحية المعمارية والعلمية والأدبية والعسكرية، كان هذا السلطان يؤثر في السياسة الأوربية تأثيرا عظيما وبمعنى أَوضح كان هو القوة العظمى دوليا في زمنه، نعمت الدولة الإسلامية العثمانية في عهده بالرخاء والطمأنينة. لكنه ابتلي في السنوات الأولى من عهده بأربعة تمردات شغلته عن حركة الجهاد، إذ أتاح موت سليم الأول وكان متصلبا، ثم جلوس ابنه على العرش وهو صغير السن، أتاح الفرصة لكي يظن الولاة الطموحون للاستقلال أنهم قادرون على ذلك، فلما وصل خبر تولية سليمان العرش، إلى الشام وكان جان بردي الغزالي واليا عليها من قبل الدولة العثمانية، تمرد وأشهر العصيان على الدولة.
- جان بردي الغزالي هذا، قائد مملوكي كان قد تعاون مع الخليفة سليم الأول في حربه ضد المماليك، كان هذا أَميراً طموحا وأودى به طموحه إلى أن ينقلب على المماليك ويتعاون مع الخليفة سليم الأول، حتى أن بعض المؤرخين العثمانيين يرون أن معركة غزة التي قادها ضد طلائع الجيش العثماني الزاحف على مصر إنما كان بالدرجة الأولى لعبة سياسية قصد منها إخفاء دوره في التعاون مع الجيش العثماني.
- وكان الغزالي قد تواصل مع الصفويين على الثورة على العثمانيين بعد موت الخليفة سليم الأول مباشرة وبالفعل بعد وفاة الخليفة أعلن الغزالي التمرد والعصيان وأمر السلطان سليمان بقمع الفتنة فقمعت وأرسل رأس الثائر إلى إسطنبول دلالة على انتهاء التمرد.
- أما التمرد الثاني فقام به أحمد باشا الخائن في مصر وكان هذا عام 930هـ، 1524 م.
- وكان هذا الباشا يطمح أن يكون صدرا أعظما ولم يفلح في هذا، لذلك طلب إلى السلطان أن يعينه واليا على مصر فقبل السلطان، وما أن وصل مصر حتى حاول استمالة الناس وأعلن نفسه سلطانا مستقلاً، لكن أهل الشرع في مصر وكذلك جنود الإنكشارية لا يعرفون إلا سلطانا واحدا خليفة لكل المسلمين هو السلطان سليمان القانوني، لذلك ثار أهل الشرع والجنود ضد هذا الوالي المتمرد وقتلوه، وظل اسمه في كتب التاريخ مقرونا باسم الخائن.
- والتمرد الثالث ضد خليفة المسلمين هو تمرد شيعـي علوي قام به بابا ذو النون عام 1526 م في منطقة يوزغاد حيث جمع هذا البابا ما بين ثلاثة آلاف وأربعة آلاف ثائر وفرض الخراج على المنطقة، وقويت حركته حتى أنه استطاع هزيمة بعض القواد العثمانيين الذين توجهوا لقمع حركته، وانتهت فتنة الشيعة هذه بهزيمة بابا ذو النون وأرسل رأسه إلى إسطنبول.
- والتمرد الرابع ضد الدولة العثمانية في عهد سليمان القانوني كان تمرداً شيعيا علويا أيضا، وكان على رأسه قلندر جلبي في منطقتي قوينه ومرعش وكان عدد أتباعه 30000 شيعي قاموا بقتل المسلمين السنيين في هاتين المنطقتين. ويقول بعض المؤرخين أن قلندر جلبي جعل شعاره أن من يقتل مسلماً سنيّاً ويعتدي على امرأة سنية يكون بهذا قد حاز على أكبر ثواب.
- توجه بهرام باشا لقمع هذا العصيان فقتله العصاة، ثم نجحت الحيلة معهم إذ أن الصدر الأعظم إبراهيم باشا قد استمال بعض رجال قلندر جلبى، فقلت قواته وهزم وقتل. بعد هذا هدأت الأحوال في الدولة العثمانية وبدأ السلطان سليمان في التخطيط لسياسة الجهاد في أوربا.
الحلف مع فرنسا
- كان العداء متبادلا بين ملك فرنسا فرنسوا الأول وشارل الخامس (أو شارلكان) ملك إسبانيا وإمبراطور الإمبراطورية الرومانية المقدسة، فكان شارل الخامس بموجب ذلك يحكم أجزاءًا شاسعة من أوروبا بما فيها ألمانيا وهولاندا والنمسا والمجر وغيرها، ولأن الملك الفرنسي لم يكن يملك القوة الكافية لمنازلة غريمه ومنازعته على لقب الإمبراطور، حاول التقرب من الدولة العثمانية.
- وحدث أن ذهب وفد فرنسي إلى سليمان القانوني يطلب منه مهاجمة بلاد المجر في سبيل تشتيت جيوش شارلكان وإضعافها، واكتفى السلطان بكتاب من طرفه يعد فيه بالمساعدة وكان يريد الاستفادة من هذه الفرصة من أجل تسديد ضرباته لمملكة النمسا وتشديد الخناق على دول أوروبا، ومما يجدر الإشارة إليه أن استعانة فرنسا بما لها من قوة وثقل كاثوليكي مسيحي في أوروبا آنذاك بالدولة العثمانية المسلمة، يعطي المطلع فكرة عما وصل إليه العثمانيون من قوة وصيت وعالمية في ذلك الزمان.
- لقد أثمر هذا الحلف بين الدولتين في إضعاف ممالك شارل الخامس والجمهوريات الإيطالية، فعلى الرغم أن الفرنسيين لم يستطيعوا الانتصار على الإسبان في الغرب إلا أن شارلكان خسر أراض عديدة من أوروبا الشرقية، كما قامت القوات البحرية العثمانية-الفرنسية بقيادة خير الدين بربروس باستعادة مدينة نيس وجزيرة كورسيكا لصالح الفرنسيين كما انتصرت الأساطيل العثمانية على البحرية الإسبانية والإيطالية في مواقع عديدة.
- أراد الحلف الفرنسي العثماني غزو إيطاليا بسبب ثراء المدن الإيطالية وازدهار ثقافاتها بالإضافة إلى وجود مقر البابا قائد النصرانية في روما، وبالفعل توجه سليمان الأول بمئة ألف جندي لمهاجمة إيطاليا من الشرق، وهبط خير الدين بربروس من جهة الجنوب في ميناء أوترانة الإيطالي، كما تقدم الفرنسيون من جهة الغرب الإيطالي، وكان الهدف من هذا هو هجوم واحد وكبير من ثلاثة جهات، إلا أن توجس الملك الفرنسي من أن يتهم بالردة عن المسيحية من قبل العامة ورجال الدين (لتعاونه عسكريا مع دولة مسلمة) جعله يعلق عملياته العسكرية ويكتفي بمهادنة شارلكان، ولو أن الحملة العسكرية المشتركة تمت كما خطط لها لغدت إيطاليا بكاملها ولاية عثمانية.
الجيش في عهده
- كان السلطان سليمان يقود الحملات الهامة بنفسه وقد توغل في عمق أوربا حتى وصل إلى فيينا.
- وقد قاد القانوني بنفسه ثلاث عشرة حملة عسكرية كبرى وفتح بنفسه 360 حصنا وقلعة. وقد بلغ الجيش في عهده درجة عالية من القوة بحيث كانت تخشاه جميع الجيوش فقد حاولت إسبانيا احتلال هولندا فطلب ملك هولندا وقتها المساعدة من السلطان سليمان القانوني فأرسل له أربعين بدلة من لباس الجيش الإنكشاري ليلبسها الجنود الهولنديون في المعركة وعندما شاهدها الأسبان ظنوا أن العثمانيين يحاربون بجانب الهولنديين فتوقفت اعتداءاتهم ثلاثين عاما.
- ولم تكن قوات المشاة هي الأقوى عالميا فحسب بل كانت المدافع العثمانية في عهده متميزة على جميع المدافع في العالم.
- وكانت قيادته للجيش العثماني قد أكسبته هيبة بين شعبه وجيشه وطاعتهم له وساعدت قيادته للجيش بعدم حصول أي تمرد أو عصيان من الجيش العثماني أو الإنكشارية عليه.
- وكان الجيش منظما فلم يكن هناك فرق بين جندي وفارس وقائد إلا في حدود الرتبة والمكانة العسكرية.
- لا مجال للتطاول والعدوان على أهل البلدان التي يمرون عليها.. فإذا اشتروا شيئًا من أهل بلدة لابد من دفع ثمنه.. وإذا قام أحد الأهالي بخدمة أو مهمة مهما كانت بسيطة لابد من أن يأخذ أجره. وإذا تسبب الجيش أثناء مسيره في عطب، أو أحدث أي خسائر لأحد، فلابد من تعويضه ولابد من إصلاح ذلك العطب.. بل قام الجيش العثماني أثناء تنقلاته بإصلاح وترميم الطرق والجسور التي كانت في حاجة إلى إصلاح وترميم.
- في نهاية عهده كان عدد الجنود السباهية في الجيش أكثر من أحد عشر ألف جندي وعدد الجنود من حملة الأعلام 620 جندي وعدد جنود فرقة المدفعية تجاوز 1200 جندي وسائقو عربات المدفعية تجاوز 670 شخص.
- قدر عدد الإنكشارية في عهده باثني عشر ألف جندي.
- وكان دائما ما يهتم بتطوير الجيش ففي عام 1557 أمر القانوني بإنشاء مصنع للقنابل النحاسية في القدس.
- ميادين القتال
- تعددت ميادين القتال التي تحركت فيها الدولة العثمانية لبسط نفوذها في عهد سليمان فشملت أوروبا وآسيا وأفريقيا، فاستولى على بلغراد سنة 927هـ/1521م وجزيرة رودس سنة 929هـ، وحاصر فيينا سنة 935هـ/1529م لكنه لم يفلح في فتحها، وأعاد الكَرّة مرة أخرى ولم يكن نصيب تلك المحاولة بأفضل من الأولى.
- ضم إلى دولته أجزاء من المجر بما فيها عاصمتها بودابست، وجعلها ولاية عثمانية.
- وفي أفريقيا، فتحت أراضي ليبيا والقسم الأعظم من تونس، وإريتريا، وجيبوتي والصومال، وأصبحت تلك البلاد ضمن نفوذ الدولة العثمانية.
فتح بلغراد (1521)
- بعيد خلافة والده في السلطة، بدأ سليمان سلسلة من المواجهات العسكرية، ومن ضمنها إخماد ثورة دعمها حاكم دمشق في 1521.
- وتوجه سليمان بعد ذلك مع صدره الأعظم بيري محمد باشا إلى بلغراد وأعد العدة لغزو مملكة المجر ونجح في ما فشل فيه جده الأكبر محمد الثاني (الفاتح)، حيث كان المجريون الأعداء الوحيدين المتبقين بعد سقوط البيزنطيين والصرب والبلغار الذين يستطيعون ردعه من مواصلة فتوحاته في أوروبا، ثم حاصر سليمان وجيشه بلغراد ودكها بالمدفعية في قصف شنه من جزيرة مجاورة على نهر الدانوب فلم يبق للرجال السبعمئة إلا الاستسلام في 1521م.
- سليمان الشاب
- ولقد انتشر خبر فتح بلغراد، أحد أحصن قلاع النصارى، كالنار في الهشيم وانتشر معه الخوف عبر أوروبا، كما ذكر ذلك سفير الإمبراطورية الرومانية المقدسة: كان فتح بلغراد أصل عدة أحداث درامية ضربت المجر أبرزها موت الملك لويس الثاني واحتلال بودا وضم ترانسيلفانيا وتدمير مملكة مزدهرة وخوف البلدان المجاورة التي خافت مواجهة المصير نفسه".
فتح جزيرة رودس
- كان الجيش في جزيرة رودس المدعوم من الكنيسة في روما دائمًا ما يتعرض للسفن الإسلامية وينهب محتوياتها ثم تعرض لإحدى سفن الحجاج وبعض السفن التجارية وقتل عددا من الركاب المسلمين عندها عزم الخليفة سليمان القانوني على فتح الجزيرة.
- وعندما سمع أمير الجزيرة بالحملة التي يعدها القانوني عرض عليه دفع الجزية ليتمكن من طلب العون من أوربا لكن الخليفة تنبه لهذا الأمر ورفض طلبه.
- وعندما أبى رهبان الجزيرة تسليمها إلى العثمانيين، دكت المدفعية العثمانية جدران حصنها المنيع والذي كان يعد أحد أمنع الحصون في العالم في ذلك الحين، ويقال أن القوة البرية العثمانية حفرت ما يقارب 50 سردابا تحت الحصن، وشنوا هجوما على المدينة من تحت الأرض، ولكن القوة المدافعة تفانت في الدفاع عن الجزيرة، وردت هذا الهجوم المفاجئ، كما دافعوا بكل قوة عن حصن جزيرتهم، ويروي أن نساء رودس كانت تعاون رجالها ورهبانها في الدفاع عن أسوار الجزيرة، ولما انقطعت الحلول من أمام رئيس الرهبان مع نفاذ مؤونته وذخيرته آثر التسليم في سنة 929هـ. وبعد دخول الخليفة العثماني رودس ظافرا، اختار كبار القساوسة وفرسانهم مغادرة الجزيرة، فاتجهوا إلى مالطا وأقاموا فيها لمواصلة الهجوم على السفن الإسلامية (وعرفوا بـفرسان القديس يوحنا الأورشليمي أو فرسان مالطا).
فتح بلاد المجر والتصادم مع النمسا
- تحولت طموحات السلطان القانوني إلى بلاد المجر لاسيما بعد تدهور العلاقات معها والمراسلات التي دارت مع الفرنسيين والذين تقدموا بطلب لدى السلطان لكي يهاجم المجر لإضعاف الملك شارلكان ورفع شيء من الضغط عن الفرنسيين في الغرب.
- حشد سليمان الأول الجيوش وسار بها نحو بلاد المجر عبر بلغراد التي كانت تحت سلطة العثمانيين منذ العام 1521، وفي طريقه فتح عدد من القلاع، وقطع أكثر من ألف كيلومتر للوصول إلى مكان المعركة. وذلك خلال 128 يوما.
- وفي أثناء سير الجيش العثماني أعلن بابا الفاتيكان النفير في جميع أنحاء أوربا.
- ثم التقى الجيش العثماني بالجيش المجري في منطقة موهاكس وكان عدد جنود الجيش العثماني مئة ألف وعدد جنود الجيش المجري مئتي ألف مدعومين من كل ممالك أوروبا وكان معهم البابا وفرسانهم قد تدرعوا بالحديد.
- وجرت معركة موهاكس الفاصلة سنة 932هـ - 1526م التي انتهت بعد ساعتين بانتصار العثمانيين وإبادة جميع الجيش المجري والأوربي المساند له وتسلم السلطان القانوني مفاتيح عاصمة المجر بودا (و تعني البلد العالي)، ويجدر الإشارة هنا أن بودابست كانت عبارة عن مدينتين منفصلتين آنذاك وهما: بود وبست.
- واستيقظت المقاومة المجرية لكنها فشلت وأصبح العثمانيون القوة المسيطرة في أوروبا الشرقية.
- وعندما رأى السلطان جثة لويس الهامدة عبر سليمان عن أسفه قائلا: قدمت بالفعل مسلحاً إليه ولكن لم تكن نيتي أن يُقتل هكذا وهو لم يذق حلاوة الحياة والملك بعد.
- يقول المؤرخ الفرنسي "إرنست لافيس" يصف آثارَ تلك المعركة: "لم يشهد التاريخ حربًا كموهاج، حُسِمت نتيجتها على هذه الصورة في مصادمةٍ واحدة، ومحَت مستقبل شعبٍ كبير لعصورٍ طويلة. عند عودة سليمان الأول من بلاد المجر اصطحب السلطان معه الكثير من نفائس البلاد وخاصة كتب كنيسة ماتياس كورفن، وهي كنيسة اعتاد الأوروبيون على تسميتها بكنيسة التتويج لأن الملوك الأوروبية كانت تتوج فيها، وحول المسلمون تلك الكنيسة إلى مسجد وأُضيف إليها النقوش العربية، وأُعيد المسجد كنيسةً عندما خرج العثمانيون من هنغاريا (المجر) وبقيت النقوش العربية حتى يومنا هذا.
- حصار إسترغوم.
- في عهد شارل الخامس وأخيه فيردناند، أرشدوق النمسا، أعاد الهابسبورغ احتلالهم لهنغاريا.
- كرد فعل لذلك، عاد سليمان مرة أخرى عبر وادي الدانوب وأعاد غزو بودا وشن في الخريف الذي تلاه حصار فيينا. كان ذلك أكثر عمل عثماني طموحاً في أوروبا وأقصاه امتداداً نحو الغرب ولكن انتصر النمساويون ب 20,000 رجلاً، بذلك أصبحت الأراضي الهنغارية فيما بعد ساحة حرب بين النمساويين والعثمانيين، وكانت الحرب سجالاً بين الطرفين لا تلبث أن تنطفئ حتى تشتعل من جديد، ومالت كفة الانتصار للعساكر العثمانية مما جعل النمسا تدفع الجزية للأستانة في معظم الأوقات، وحاصر السلطان فيينا مرة ثانية ولم يتمكن من فتحها في 1532 فانسحب بجيوشه، وذلك لسوء الأحوال الجوية التي كانت تمنع العثمانيين من نقل معدات حصارهم الثقيلة وبعد المسافة عن حاضرة الخلافة وامتداد خطوط الإمداد الطويلة وراء الجيش. بعد ذلك استمر التنافس العثماني-الهاسبورغي حتى مطلع القرن العشرين.
- جون سيجسموند ملك المجر مع سليمان في 1556.
- بحلول أربعينيات القرن السادس عشر، قدم تجدد الصراع في هنغاريا لسليمان فرصة الثأر لهزيمته في فيينا.
- اقترح بعض النبلاء المجريون أن يتقرب فرديناند الأول (1519-1564)، حاكم النمسا المجاورة، إلى عائلة لويس الثاني بالزواج ليكون ملك المجر، دون ذكر أن اتفاقات سابقة تسمح للهاسبورغ بالاستيلاء على العرش المجري إذا لم يكن هناك وريث للويس.
- في الطرف الآخر، التف نبلاء مجريون حول جون زابوليا المدعوم من سليمان والذي لم تعترف به القوى النصرانية بأوروبا. في 1541 التقى الهابسبورغ بالعثمانيين في صراع آخر، وحاولوا فرض حصار على بودا. بعد صد جهودهم، ووقوع قلاع نمساوية أخرى في يد العثمانيين اضطر فرديناند وأخوه شارل الخامس إلى توقيع معاهدة مذلّة مع سليمان مدتها خمس سنوات.
- تخلى فرديناند عن أطماعه في مملكة المجر وأُجبر على دفع جزية سنوية إلى السلطان لقاء أراضٍ مجرية استمر في السيطرة عليها. وفي حركة أكثر رمزية نصت المعاهدة على أن شارل الخامس ليس إمبراطور بل مجرد ملك إسبانيا، مما جعل سليمان يعتبر نفسه القيصر الحقيقي.
- بعد إذلال أعدائه الأوروبيين أمّن سليمان للخلافة العثمانية دوراً ريادياً في السياسة الأوروبية.
الصدام مع الدولة الصفوية
- منمنمة عثمانية تعود لعام 1554م تصور سليمان القانوني وجيشه خلال زحفه باتجاه ناخيتشيفان في القفقاس
- بعد تثبيث حدوده في أوروبا اتجه سليمان نحو آسيا حيث قاد حملات كبرى ضد الدولة الصفوية لتندلع بذلك الحرب العثمانية الصفوية (1532–1555)، ويرجع السبب في ذلك لحدثين بارزين، الأول هو مقتل والي بغداد الموالي لسليمان على يد الشاه طهماسب وتعويضه بموال له، والثاني تحالف والي بدليس مع الصفويين، ابتدأت من سنة 941هـ - 1533م، حيث نجحت الحملة الأولى في ضم تبريز وبدليس إلى سيطرة الدولة العثمانية دون أي مقاومة، حيث ساق الصدر الأعظم إبراهيم باشا الجيوش وضم العديد من الحصون والقلاع في طريقه كقلعتي وان وأريوان، وعمل الصدر الأعظم على بناء قلعة في تبريز وترك فيها من الحامية المنظمة ما يكفي لحفظ الأمن العمومي في 1534.
- وفي شهر أيلول (سبتمبر) من نفس السنة وصل سليمان الأول إلى تبريز واستأنف العمليات الحربية بنفسه ضد الشاه طهماسب الذي كان يتراجع بجيشه عوض المواجهة لكن سوء الطرق وكثرة الأوحال وسوء الأحوال الجوية جعلت نقل المدفعية العثمانية الضخمة أمرا محالا، فقام الخليفة بتحويل الوجهة نحو بغداد وبالفعل دخلها بعد هروب حاميتها الصفوية في 1535، وقام السلطان عند دخوله بزيارة قبور الأئمة العظام المتواجدة في العراق مما أكد أحقية سليمان في قيادة العالم الإسلامي وحمل شعلة الخلافة من العباسيين.
- قام سليمان بحملة أخرى لهزم الشاه في 1548-1549. كالحملات السابقة تفادى طهماسب المواجهة المباشرة مع الجيش العثماني واختار التراجع فأحرق أرمينيا (منطقة بإيران) فلم يجد العثمانيون مكانا يقيهم من شتاء القوقاز القاسي. أنهى سليمان حملته بمكاسب عثمانية مؤقتة في تبريز وأرمينيا وموقع دائم في محافظة فان وقلاع في جورجيا. في 1553 بدأ سليمان حملته الثالثة والأخيرة ضد الشاه. بعد خسارة أرضروم في وقت سابق لابن الشاه. استهل سليمان الحملة باسترجاعها وعبور الفرات العلوي وصولا إلى بلاد فارس. أكمل جيش الشاه خطته التي ترمي إلى التراجع وعدم الاشتباك مع العثمانيين مما أدى إلى حالة جمود فلم يكن هناك لا غالب ولا مغلوب. في سنة 962هـ - 1555م أجبر السلطان سليمان الشاه طهماسب على الصلح وأحقية العثمانيين في كل من أريوان وتبريز وشرق الأناضول وأمن بذلك بغداد وجنوب بلاد الرافدين ومصبات الفرات ودجلة وأخذ أجزاء من الخليج العربي ووعد الشاه أيضا بوقف هجوماته في الأراضي العثمانية.
وفاته
- توفي سليمان القانوني أثناء حصار مدينة سيكتوار في 7 سبتمبر 1566 لأسباب طبيعية إلا أن الجنود لم يريدوا أن يخبروا أحدا حتى العودة إلى العاصمة فقاموا بدفن أحشائه في الخيمة التي كان متمركزا بها ليتمكنوا من حفظ جسده حتى العودة إلى العاصمة.
- في شهر سبتمبر عام 2016 أعلن نائب رئيس الوزراء التركي، ويسي قايناق، أن علماء أتراك ومجريين اكتشفوا مكان دفن أحشاء وأعضاء السلطان سليمان القانوني.