وفيما يأتي بعض الأحاديث الواردة عن الرسول صلى الله عليه وسلم والدالة على أهمية حسن الخلق: قال الرسول صلى الله عليه وسلم: [ما مِن شيءٍ يوضَعُ في الميزانِ أثقلُ من حُسنِ الخلقِ ، وإنَّ صاحبَ حُسنِ الخلقِ ليبلُغُ بِهِ درجةَ صاحبِ الصَّومِ والصَّلاةِ][٢]، ففي هذا الحديث الشريف بين الرسول صلى الله عليه وسلم بأنه ما من شيء من أفعال البر والإحسان يوضع في ميزان الأعمال يوم القيامة أثقل من حسن الخلق، وذلك لما له من ثواب عظيم ومكانة رفيعة عند الله تعالى، فالأخلاق الحسنة سبب لكل خير، فصاحب الأخلاق الحسنة يصل بمنزلته من المكثر من صيام النوافل وصلاة التطوع، وذلك لأن صاحب الخلق الحسن لا يحمل غيره أثقاله، بل هو من يتحمل ثقل غيره وخلقه. قال الرسول صلى الله عليه وسلم: [إنَّ مِن أحبِّكم إليَّ وأقربِكُم منِّي مجلسًا يومَ القيامةِ أحاسنَكُم أخلاقًا ، وإنَّ مِن أبغضِكُم إليَّ وأبعدِكُم منِّي يومَ القيامةِ الثَّرثارونَ والمتشدِّقونَ والمتفَيهِقونَ، قالوا : يا رسولَ اللَّهِ، قد علِمنا الثَّرثارينَ والمتشدِّقينَ فما المتفَيهقونَ ؟ قالَ : المتَكَبِّرونَ][٤]، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم أحسن الناس خُلقًا، وقد أمر بحسن الخلق، وبين فضل صاحب الخلق الحسن عند الله تعالى، وما له من أجر عظيم، فقد بين عليه السلام بأن أحب الناس وأقربهم إليه منزلة يوم القيامة هم أصحاب الخلق الحسن، وأن أبغضهم إليه وأبعدهم عنه منزلة يوم القيامة هم كثيرو الكلام والمتكلفين به بغير حق، والمتكبرون على الناس المستعلين عليهم بكلامهم وفصاحتهم في أقوالهم، وفي هذا الحديث بيان لفضل حسن الخلق وتحذير من التكلف في الكلام والتفاخر فيه للميل إلى قلوب الناس وأسماعهم] الوسائل المعينة على اكتساب حسن الخلق يوجد العديد من الأسباب والوسائل التي تُعينك على اكتساب الخلق الحسن، ومنها ما يأتي: لامة العقيدة: فسلوك الإنسان ثمرة ما يحمله من فكر وعقيدة، وما يدين به من دين، وبالمثل فإن الانحراف عن السلوك السوي ناتج عن خلل في العقيدة، وعقيدتنا السليمة هي الإيمان، وأكمل المؤمنين إيمانًا هم أحسنهم خلقًا، وبالتالي إذا صحت عقيدتهم حسنت أخلاقهم، فالعقيدة السليمة تقوي صاحبها على مكارم الأخلاق، وتردعه عن مساوئها. الدعاء: وذلك بأن تلجأ إلى رب العالمين ليرزقك حسن الخلق ويصرف عنك سيئه. مجاهدة النفس: فالخلق الحسن نوع من أنواع الهداية الناتجة عن مجاهدة أهواء النفس ورغباتها، قال تعالى: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ محاسبة النفس: وذلك بانتقاد النفس عند ارتكابها الخلق الذميم، وحملها على ألا تعود إليه مرة أخرى، فإذا أساءت وقصرت عليك أخذها بالحزم والجد، مع الأخذ بمبدأ الثواب إذا أحسنت. التفكر في الآثار المترتبة على حسن الخلق: إذ إن معرفتك لثمرات حسن الخلق من أكبر الدواعي إلى فعلها والسعي إليها وتمثلها، فإذا رغبت بالتحلي بمكارم الأخلاق وأدركت أنها غنيمة يوفق إليها المسلم، سهل عليك نيلها واكتسابها. التفكر في عواقب سوء الخلق: وذلك من خلال تأمل ما يجلبه سوء الخلق من الهم والحسرة والندامة والبغض في قلوب العباد. علو الهمة: فعلو الهمة يستلزم من الشخص الجد والترفع عن محقرات الأمور، فالهمة العالية تزجرك عن مواقف الذل واكتساب الرذائل والحرمان من الفضائل، فهي ترفعك من دركات الحضيض إلى أعلى مقامات المجد والسؤدد. الحذر من اليأس من إصلاح النفس: فإذا ابتليت بسوء الخلق وحاولت إصلاح نفسك ولم تفلح، فلا تيأس وتترك المحاولة، إذ إن هذا الأمر لا يحسن بالمسلم ولا يليق به، بل ينبغي عليك أن تقوي إرادتك وتسعى لإصلاح نفسك وتلافي عيوبها، فكم من الناس تبدلت أحوالهم وسمت نفوسهم مع مجاهدتهم وسعيهم لمغالبة طباعهم. الصبر: فالصبر من الأسس الأخلاقية لحسن الخلق، فهو يحمل النفس على الاحتمال وكظم الغيظ وترك مساوئ الأخلاق.