يعتبر شعراء العرب من أفضل الشعراء على مرّ العصور، حيث نشؤوا على الفصاحة في العصر الجاهلي، واستمروا في تألقهم بما يناسب ظروف عصورهم المختلفة، كما عرفوا بدورهم الفعال في العديد من مجالات الحياة وقضايا المجتمع وذلك لتوظيفهم الشعر في وصف القضايا السياسيّة، والاجتماعيّة، والاقتصاديّة، بالإضافة للرثاء، والغزل،
ولد أبو الوليد أحمد بن عبد الله بن أحمد بن غالب بن زيدون في قرطبة لأسرة من فقهاء قرطبة من بني مخزوم. تولى ابن زيدون الوزارة لأبي الوليد بن جهور صاحب قرطبة، وكان سفيره إلى أمراء الطوائف في الأندلس، ثم اتهمه ابن جهور بالميل إلى المعتضد بن عباد صاحب إشبيلية، فحبسه. حاول ابن زيدون استعطاف ابن جهور برسائله فلم يعطف عليه. وفي عام 441 هـ، تمكن ابن زيدون من الهرب، ولحق ببلاط المعتضد الذي قربه إليه، فكان بمثابة الوزير. وقد أقام ابن زيدون في إشبيلية حتى توفي ودفن بها في عهد المعتمد بن عباد وكان والده من أكبر علماء عصره، كما اهتم جدّه بالعلوم، بالإضافة لتوليه بعض المناصب، حيث تولّى القضاء في مدينة سلبم، وقد عانى ابن زيدون من فقد والده عندما كان في الحادية عشر من العمر، الأمر الذي دفع جده لتربيته، وتنشئته على التنشئة السليمة، حيث علّمه النحو، والقرآن، والعلوم، والشعر، والأدب، ممّا زاد من ذكائه،
اتصل ابن زيدون بأكبر الشعراء والأعلام في العصر الأندلسي رغم صغر سنّه، حيث برع ابن زيدون في الشعر والنثر، وله رسالة تهكمية شهيرة، بعث بها عن لسان ولادة بنت المستكفي إلى ابن عبدوس الذي كان ينافسه على حب ولادة،
ومن أشهر قصائد ابن زيدون قصيدته المعروفة بالنونية، والتي مطلعها:
أضحى التنائي بديلاً من تدانينا وناب عن طيب لقيانا تجافينا
بنتم وبنا فما ابتلت جوانحنا شوقا إليكم ولا جفت مآقينا
يكاد حين تناجيكم ضمائرنا يقضي علينا الأسى لولا تأسينا
حالت لبعدكم أيامنا فغدت سودا وكانت بكم بيضا ليالينا
توفي ابن زيدون عام 463هـ في إشبيلية عن عمر يناهز الثمانية والستين عاماً، عندما أرسله المعتمد على رأس الجيش ليوقف الفتنة الواقعة هناك، إلا أنّ المرض أصابه، مما أدى الي وفاته.