كَلِمةُ الفلسفة يَعودُ تَسمِيَتِها إلى اليُونَانيّة وَمعناها طَلَبُ العِلم ومَحبّةِ الحِكمة أوالبحثُ عَنِ الحَقيقة ولكِن مَفهومِ الفَلسفَةِ لا يُمكِن حَصرُها فِي مَعنى معيّن أو شخص مُحدّد
كَلِمةُ الفلسفة يَعودُ تَسمِيَتِها إلى اليُونَانيّة وَمعناها طَلَبُ العِلم ومَحبّةِ الحِكمة أوالبحثُ عَنِ الحَقيقة ولكِن مَفهومِ الفَلسفَةِ لا يُمكِن حَصرُها فِي مَعنى معيّن أو شخص مُحدّد أو عِلم مُحدّد لأنّها تُشير إلى نَشاط إنساني تَتَعَلّق بِممارَسَةِ وَدِراسات نَظَريّة أو عَمَليّة مِن خِلالِ تَجارُب الإنسان والعَلِم الّذِي يَمتَلكِهُ، إذا فإنّ السؤال عَن مَفهومِ الفَلسَفَة تَحتاجُ إلى فَلسفَة لِفَهمِ إدراكِها ولكِنّها هِيَ أساسُ الحِكمَةِ والمَعرِفَة الّتي نَستَدِلّ بِها إلى الحَقيقة، وَعقلُ الفَيلسوف يَختَلِف كَثيراً عَن عُقولِ البَشَر لأنّهُ دَائِماً يَبحَثُ وَيَتَعَمّق فِي العِلمِ وإدراكِ الأمُور وَيُمكِن مِن خِلالِ عَقلهِ بناءُ دَولةٍ بأكمَلِها لَها أسُس وَقِيَم إنسانيّة عظيمة.
ليسَ هناكَ وَقتٌ لِظُهورِ الفَلسَفَة وأكثَرَ مَن إشتَهَرَ فِيها اليُونانيين وَكانَ هُناكَ الكَثيرُ مِنَ الفَلاسِفَة اليُونانيين والعلماءِ الّذينَ تَرَكُوا فَلسَفَةً لا يُمكن الإستغناءُ عنها لِظُهُورِ المَعرِفَة والبحثُ عن الحقائِق والحضارَةِ العَريقَة الّتي بُنِيَت على يدِ هؤلاء الفلاسفة والعلماء فَهِيَ مَوجُودَةٌ مُنذُ أن خُلِقَ الإنسان.
فالشّخصُ حَتّى يَستَطِيعَ أن يَكونَ فَيلسُوفاً عَليهِ أوّل شَيء يَفعَلهُ هُوَ أن يبدأ بالسّؤالِ فَتَبدأ الحِيرَةِ والبحثِ عَنِ الحقيقة والتجرّد مِنَ المَفاهِيمِ السّابِقَة للوُصُولِ إلى الحِكمَةِ الّتي هِيَ أساسُها اللهُ سُبحانهُ وتعالى وإذا طَلبتَ مِنَ اللهِ شَيء أطلُب مِنهُ العِلمَ والحِكمَة فَمَن أوتي هَذِهِ الحِكمَة فَقَد أوتِيَ فَضلاً عَظيما وقال اللهُ تعالى: (يُؤْتِي الحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ وَمَن يُؤْتَ الحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً وَمَا يَذَّكَّرُ إلاَّ أُوْلُوا الأَلْبَابِ)البقرة: 269، فَمِن خِلالِ الحِكمَة تَفهَمُ حَياتَك وَحَلّ الأمور والوُصُولِ إلى المَعرِفَة والحَقَائِق، حَتّى تَتَأكّد مِن ذلِك أنظُر إلى حَيَاتِك قَبلَ سِنين سَتَكتَشِف أنّكَ كُنتَ تَجهَل أموراً كَثيرة فِي حَياتِك وَمُهِمّة غيّرت مَفاهِيمُك فإذا طَلبتَ مِنَ الله لا تُطلُب شَيء سِوا الحِكمَة وهي ستأتيكَ بعدَها كُلّ شَيءٍ وادعُوا اللهَ ليأتِيَكَ إيّاها فَهِيَ أعظَمُ نِعمَة قَد يُهدِيها إلى الإنسان.
قال مصطفى السباعي (مؤسّس حركة الإخوان المسلمين في مصر): (لا تَخجَل مِنَ السّؤال عَن شَيء تَجهَلُهُ، فَخيرٌ لَكَ أن تَكونَ جَاهِلاً مَرّة مِن أن تَنطَوِي على جَهلِكَ طُولَ العُمُر) إذن من خلالِ هذه المَقُولةِ يُمكِن الإستدلالُ على أنّ الفَلسَفَةِ والوُصُولِ إلى الحَقيقَةِ هُوَ أن لا تَكُفّ عَنِ السّؤالِ وَبعدَها تأتِي الحَقائِق وَتَبدأ أنتَ فِي تَشكِيلِها، وَقَد قالمارك توين(كاتب وصحفي أمريكي): (عليك أن تعرف الحقائق قبل أن تقوم بتزويرها)، بَعدَ أن تَبدأ بالحِيرَةِ والسّؤالِ والبَحثِ فِي الحياةِ الّتي تَعيشُها وَحَقائِق النّاس وَطَلَب العِلم بَعدَ أن تَصِل إليها قُم بِتَشكِيلِها كَما تُريد فَهُوَ مِلكُكَ أنتَ وَحدُك.
بعدَ الوُصُولِ إلى الحَقِيقَةِ تَبدأ المَعرِفَة وَيبدأ العقل بإدراكِ الأمور وَفَهمِ الحَياة وَقَد قال ويل ديروانت (فيلسوف ومؤرّخ وكاتب أمريكي): (التَعليم هُوَ الاكتشافُ المُتَدَرّج لِجَهلِنا)، إذن عليكَ باستخدامِ العَقل والتَفكيرِ فِي كُلّ أمورِ حَياتِك حَتّى بالعاطِفَة إستَخدِم فِيها عَقلُك لأنّ سِلاحَ الحَياةِ هُوَ العَقلُ وَمِن غَيرهِ تَكون قَد تجرّدتَ مِن الإنسانيّة وَسِرتَ أشبهَ بالحيوانات، فَالحقيقة أفضل لكَ مِن أن تَطعَنُكَ وتجعلكَ في حِيرَةٍ أفضَلُ لَكَ مِن أن تكونَ مَخدوعٌ طِوال حَياتِك وقال عليعزّت بيغوفتش: (هناكَ أشخاصٌ يَظنّونَ أنّ إنتمائَهُم الدّينِي يَمنعَهُم مِن فَريضَةِ التّفكير)، وقال غوتاما بودا: ( العقل هو كل شيء، وأنت تُصبِح مَا تُفكّر فِيه).
قسم الغربيون التاريخ الفلسفي إلى تاريخ شرقي وغربي، فالفلسفة الشرقية هي التي انبعثت من دول الشرق الأقصى، وخاصة الهند، واليابان، والصين، وتأخذ فلسفتها الطابع الديني، والروحاني أكثر من العقلاني، أما الفلسفة الغربية فتُقسم إلى فلسفة قديمة أي إغريقية، وفلسفة العصور الوسطى، وفلسفة حديثة.
أما إنتاجات الفلاسفة المسلمين فينظر الغربيون لها على أنها منقولة عن الفلسفة الإغريقية، وليس لها أي إنتاج فعلي، وتواصلت هذه النظرة إلى أن شهد العالم العربي نهضة فلسفية هدفها إعادة بناء النهضة بنقد التراث العربي.