العرب قبل الاسلام ..احوال العرب ..الجاهلية ..العمارة عند العرب ..الهجرات السامية ..الحالة السياسية
مصطلحٌ يُعبِّرُ عن أحوال العرب السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية في شبه الجزيرة العربية والمناطق التي سكنها العربُ قديماً قبل انتشار الإسلام، وتقع هذه المناطق جغرافيّاً ضمن ما يُعرف باسم الصفيحة العربية.وبدأت الدراسات عن تاريخ العرب القديم وشبه الجزيرة العربية بشكلٍ عامّ في العصر الحديث، تحديداً في القرن التاسع عشر، حيث أبدى المستشرقون اهتماماً كبيراً بدراسة هذا المجال، فقد تمكنوا من ترجمةِ ونشرِ عددٍ كبيرٍ من النقوش المكتشفة، وكذلك صياغةِ التاريخ بشكل علميّ، معتمدين في ذلك على المصادر الأوليّة القديمة التي أشارت إلى حياة العرب في تلك الأزمنة.
- اتخذت كل جماعة من المهاجرين اسما تسمت به. كان أول ظهور تاريخي لكلمة "عرب" في "معركة قرقر" في سنة (853 ق.م) وأطلق هذا الاسم في البداية على سكان شمال الجزيرة العربية وبالذات مقترنا بالقيداريين، ثم توالى ذكر العرب في النصوص التاريخية بعد ذلك بشكل متسارع حتى شملت كلمة "عرب" ليس فقط سكان شمال الجزيرة العربية بل كل سكانها حتى الجنوب، وقد قسم المؤرخون المسلمون أصول العرب إلى ثلاث طبقات: وهم العرب العاربة والعرب المستعربة والعرب البائدة.
- تلك التقسيمات بالإضافة إلى تسمية "عدنانيين" و"قحطانيين" لم تكن موجودة قبل الإسلام ولم يعرفها الأدب الجاهلي وإنما وجدت بعد الإسلام في الفترة الأموية حيث أصبح اليمانيون أو "عرب الجنوب" كما يسميهم المستشرقون من جهة وعرب باقي الجزيرة العربية "الشماليون" بحسب المستشرقين من جهة أخرى يتبارون في المفاخر وكل فئة تنسب أصل العروبة لها، فاليمانيون يقولون منًا يعرب ونحن أصل العرب والشماليون يقولون نحن فقط بنو إسماعيل أبي العرب وأنتم لستم منه.
-والمعروف أن العرب جميعا من ولد إسماعيل بن إبراهيم النبي، وتشير المصادر التاريخية القديمة أن العرب عرفوا باسم "الإسماعيليين" حتى فترات قريبة قبل الإسلام، وتذكر الكتب السماوية قصة البشارة حيث نجد أن الله قد وعد نبيه إبراهيم الخليل بأنه سيكون من أعقاب إسماعيل أمة كبيرة، ويذكر في سيرة الخليل إبراهيم أنهم لما بلغوا بئر السبع في فلسطين صلى على ابنه الأكبر إسماعيل، وأمته من العرب.
-وقد ورد في القرآن الكريم استجابة الله لإبراهيم عندما دعا ربه قائلاَ َّنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ وجاء في التوراة: "وأما إسماعيل قد سمعت لك فيه، ها أنا أباركه وأثمره وأكثره كثيرا جدا. إثني عشر رئيسا يلد. واجعله أمة كبيرة".
-أما "العرب البائدة" فهم الأقوام القديمة التي لم يبق لها ذكر، وهنا بعض أمثلة الشعوب العربية التي ذكرت في المصادر القديمة ثم اختفت: (العماليق، ثمود، القيداريين، مديانيين، دادانيين). وظهر من الجزيرة العربية الهكسوس الذين نزحوا من الشمال واستولوا على الدلتا في شمال مصر في الألفية الثانية ق.م.
-لم يرد ذكر لإسماعيل في أي كتابة قديمة ولاتوجد دلائل أن العرب قبل الإسلام كانوا يعرفونه. فكلمة "عربي" في كل النصوص القديمة تعني البدوي سواء كان في الجزيرة العربية أو صحراء مصر وهي المكان التي ذكر التوراة أن إسماعيل وأمه المصرية نزلوا بها. أما اليمنيون فلم يعرفوه البتة وكانوا يعتقدون أنهم أبناء آلهتهم
تتسم العمارة عند العرب قبل الإسلام بالطابع الشخصي أكثر بكثير من الطابع الملكي المركزي، فتكثر البقايا العمرانية التي تعود لأفراد عاديين كبقايا البيوت في المستوطنات القديمة بينما تقل آثار الدول من معابد كبيرة ومسارح وغيرها بشكل واضح. بنيت معظم المساكن والمنشآت باللبن فوق أسس من الحجر، لذلك تم الكشف عن أسس العديد من المستوطنات، وكان فن العمارة قد ازدهر بشكل خاص في جنوب وشمال غرب الجزيرة العربية، ومن أجمل آثارهم مدينة البتراء المنحوتة في الصخر والمدن الرومانية القديمة في تدمر وجرش وبصرى.
العلاقات البينية للممالك والشعوب العربية القديمة متعددة وتشتمل على العلاقات السياسية والاقتصادية والثقافية.
- في مجال العلاقات السياسية لممالك جنوب الجزيرة العربية نجد أن هذه الممالك تحاربت وتوحدت مرارا عبر التاريخ كما ارسلت بعثاتها فيما بينها وإلى العرب الشماليين، من ذلك حضور ممثلي مملكة سبأ تتويج العزيلط ملك مملكة حضرموت، ونجد أن العزيلط في وقت لاحق قد استقبل وفودا من تدمر ومن قريش، وكذلك قيام حرب بين قوات ملك كرب يعفر ملك حمير من طرف وقوات المنذر بن امرئ القيس ملك المناذرة والثائرين معه في الطرف آخر والتي حدثت في "مأسل الجمح" عام (516م)، وللحميريين حملات أخرى في شبه الجزيرة العربية منها حملتهم (360م) على يبرين (شرق الجزيرة العربية) وجو (تسمى اليمامة الآن شمال شرق الجزيرة العربية) والخرج (وسط الجزيرة العربية) حيث اشتبك الحميريون من من ضمن من اشتبكوا معهم مع قبائل معروفة هي إيادومعد وعبد القيس ومراد وكانت هزيمة القبيلتين الأخيرتين في "سيان" شمال شرق مكة بين أرض نزار وأرض غسان بحسب النقش، ونجد زيارة أبو كرب اسعد لديار معد بمناسبة تنصيب مسؤولين لقبيلتهم، ونجد نقش نفس الملكين في "مأسل" كذكرى لمرورهم في تلك الأراضي مصطحبين معهم أعيان دولتهم، وكذلك بعثة شمر يرعش إلى مالك ملك الأزد التي أكملت طريقها إلى المدائن وسلوقية.
وكانت كل واحدة منهم فيما سبق تؤلف دولة تحكم أراضيها وتمد سيطرتها على مناطق أخرى بواسطة قبائل تحكمها تلك الحكومات بشكل مباشر، ويكون استتباع هذه القبائل هو بتبادل المصالح فتوفر الدول المال للقبائل للحفاظ على طرق شبكة التجارة العربية والتي كانت الشريان الأساسي لاقتصاد الجزيرة العربية من قطاع الطرق سواء بواسطة الصعاليك الخلعاء أو حتى بواسطة القبائل الأخرى والتي لم تكن تنظر لهذا العمل على أنه جريمة بل فخر حيث يحصل قاطع الطريق على المال لأهله وعشيرته من قوم لا تربطه بهم صلة دم أو دين.
- وتشترك القبائل المحكومة من قبل تلك الدول مع هذه الدول في حروبها وفي المقابل توفر هذه الدولة الحماية للقبائل فتعلن الحرب على من يتهجم على القبائل ويتحرش بها، فكان سقوط هذه الدول القوية قبيل البعثة إيذانا بحالة من عدم الاستقرار والحروب بين تلك القبائل التي لا تجد غير العنف لفرض هيبتها حيث لو أحس الآخرون ضعفا استخفوا بها وهاجموها حيث ترسخت هذه المعطيات السياسية فيما بعد على شكل قيم متوارثة فيقول الشاعر الجاهلي زهير بن أبي سلمى