عرف البشر الصيام ومارسوه قبل مجيء الإسلام، فكان سابقاً لجميع الطقوس الدينية مثل الصلاة، والصيام لغة: الإمساك عن الشيء، وشرعاً: الإمساك عن الشرب، والأكل، وسائر المفطرات مع النية من طلوع الشمس إلى الغروب، والصيام ركن من أركان الإسلام، وله فوائد صحيه عديده، مثل: طرد السموم من الجسم، ويقلل من نسبة السكريات في الدم، ويعمل على خفض تخزين الدهون، ويعزّز العادات الغذائية الصحية، ويقوّي جهاز المناعة.قال تعالى: ( يَأَيُّهَا اْلَّذِينَ ءَامَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ اْلصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى اْلَّذِينَ مِن قَبْلكُم لعَلَّكُم تتَّقوُنَ" (سورة البقرة: 183).
undefinedالحكمة
إنّ الله سبحانه وتعالى قد فرض الصيام على الناس من أجل إقامة توازن كامل بين نزعات النفس ورغبات الروح، وإذا ما قارننا الهدف من الصيام الذي أنزل من فوق سبع سموات والأهداف البشرية الموضوعه، ندرك مدى حكمة ورحمة الله سبحانه، فلم يرد الله بفرض الصيام حرمان النفس من لذاتها وحلالها، إنّما أراد تحريرها من قيود النفس وشهواتها لتلتمس السعادة والنقاء، لقوله تعالى: "مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَكِن يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُم ْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ" (المائدة: 6).
إنّ أسباب صيام الناس متعددة ومختلفة، وذلك بسبب اختلاف الدين والمعتقدات، ولأغراض دنيوية أخرى، فعلى سبيل المثال: المسلمون يصومون من أجل التقرب من الله سبحانه، واليهود يصومون للتكفير عن أثم أو ذنب، والمتصوفون والزاهدون يصومون من أجل الزهد والسمو، وهناك الصيام لأغراض صحية وأخلاقية وسياسية مثل صوم المهاتما غاندي.
أول من صام
مارس الإنسان الصيام بشتى أنواعه، استجابة إلى رغباته النفسية، وذكر بعض العلماء أنّ أول من صام هو سيدنا آدم -عليه الصلاة والسلام- وذلك استجابة لأمر الخالق سبحانه بأن لا يأكل من الشجرة، وأيضا سيدنا نوح -عليه الصلاة والسلام- ومن معه بعد أن نجّاهم الله من الطوفان وأهلك الكفار، وكان أبو الأنبياء سيدنا إبراهيم -عليه الصلاة والسلام- يصوم لساعات، وسيدنا داوود -عليه الصلاة والسلام - كان يصوم يوماً ويفطر يوماً، حتى صام النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه اقتداءً به، وهكذا حتى فرض صيام شهر رمضان المبارك في كتاب الله عز وجل.
الصيام في مجمله خضوع الإنسان لأوامر الخالق سبحانه، وممن مارسه قدماء المصريون، ومن قبلهم اليونانيون، واليونان، والبراهمة، والبوذية كل بطريقته وأسلوبه، كما كانت قريش تصوم قبل مجيء الإسلام يوم عاشوراء وذلك تكفيراً عن ذنب قد أذنبته، وكان كثير من الكهنة العرب قبل الإسلام يعتزلون الناس من أجل التعبّد الذي يعد الصيام جزءاً منه.