سعد بن معاذ ، صفات سعد بن معاذ، مواقف من حياة سعد بن معاذ ، فضائل سعد بن معاذ
سعد بن معاذ
هو الصحابيّ الجليل سعد بن معاذ بن النّعمان بن امرئ القيس بن زيد بن عبد الأشهل، يُكنّى بأبي عمرو، وأسلم على يد مصعب بن عُمير -رضي الله عنه- حين بعثه الرّسول -صلّى الله عليه وسلّم- مُرشداً وهادياً لأهل المدينة المنوّرة، فدخل الإسلام لقلب سعد بن معاذ من اللحظة الأولى، وعزم على قبيلته بأن يدخلوا الإسلام وقال بأن كلامه معهم حرام حتّى يدخلوا جميعهم في الإسلام، فأسلمت قبيلته بأكملها فكان من أكثر النّاس بركةٍ لأهله وقبيلته، وشَهِد مع رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- عدّة غزوات؛ منها: غزوة بدر وغزوة أُحد وغزوة الخندق، وتُوفّي في السّنة الخامسة من الهجرة النبويّة وكان عمره سبعةٌ وثلاثون عاماً، وصلّى عليه الرّسول -صلّى الله عليه وسلّم- ودُفن في البقيع، وعندما خرجت جنازته صاحت أمّه فأخبرها رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- بأن لا تجزع ولا تحزن وقال لها: (إنّ ابنَك أولُ مَن ضحك اللهُ له واهتزَّ له العرشُ).
صفات سعد بن معاذ
كان سعد بن معاذ -رضي الله عنه- يتصّف بعدّة صفات جليلة وعظيمة ظهرت من مواقفه البطوليّة مع الرّسول صلّى الله عليه وسلّم، وفيما يأتي بعض صفات سعد بن معاذ:
تقديم محبّة الله -تعالى- ومحبّة الرّسول -صلّى الله عليه وسلّم- على محبّة سواهما.
الهمّة العالية في نشر الدّعوة والدّين الإسلاميّ.
التبرّؤ من أعداء الله تعالى.
السعّي والجهاد لخدمة الدّين.
الاعتزاز في الحقّ وإظهار القوّة في ذلك.
مواقف من حياة سعد بن معاذ
تجلّت بطولات الصحابيّ سعد بن معاذ -رضي الله عنه- في عدّة مواقف عاشها مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم؛ وفيما يأتي بيان بعض المواقف:
الدّعوة إلى الله تعالى؛ فحين أعلن سعد بن معاذ إسلامه اشترط على قومه الدخول بالإسلام، وكان من الممكن أن يُعلن إسلامه ولا يشترط على قومه ذلك، وكان له أن يتريّث ويتمهّل بدخول الإسلام، لكنّه آثر دخول الإسلام ونُصرة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.
حُكم سعد بن معاذ بحُكم الله -تعالى- في حادثة بني قريظة؛ حيث كان بنو قريظة حلفاءً للأوس أيّام الجاهليّة، ثمّ خانوا رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- خيانةً عظمى يوم الأحزاب، وبعد انتهاء النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- من قتال مشركي مكّة عاد ليحكُم في بني قريظة بسبب خيانتهم للمسلمين، فحاصرهم المسلمون شهراً أو خمساً وعشرين يوماً، ثمّ حاولوا مفاوضة الرّسول -صلّى الله عليه وسلّم- بأن يخرجوا إلى الشّام، لكنّ الرسول رفض ذلك وعزم بأن يحتكموا لحُكْمه فوافقوا على ذلك، فحكّم فيهم رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- سعد بن معاذ رضي الله عنه؛ ففرحوا وارتاحوا لذلك لأنّه كان حليفهم من قبل فظنّوا منه خيراً، لكنّ سعد بن معاذ -رضي الله عنه- فكّر في الموقف من جميع جوانبه وقدّر ظلمهم وخيانتهم للعهد؛ فحكم عليهم حكماً شديداً إذْ أشار إلى أن يُقتل كلّ الرّجال وتُسبى النّساء.
نُصرة سعد بن معاذ للرّسول -صلّى الله عليه وسلّم- يوم غزوة بدر؛ فبعد أن جمع الرّسول -صلّى الله عليه وسلّم- أصحابه -رضي الله عنهم-لملاقاة قافلة قريش؛ تبيّن لهم أنّها ابتعدت عن الطّريق ولم يبقَ إلّا المواجهة والقتال مع قريش، فشاور الرّسول -صلّى الله عليه وسلّم- أصحابه وكان رأي المهاجرين بمواجهة قريش، وأراد الرّسول -صلّى الله عليه وسلّم- أن يستمع لرأي الأنصار؛ فقام سعد بن معاذ -رضي الله عنه- مُجيباً على سؤال الرسول؛ حيث قال: (قد آمنا بك، فصدقناك، وشهدنا أن ما جئت به هو الحقّ، وأعطيناك على ذلك عهودنا ومواثيقنا على السمع والطاعة، فامض يا رسول الله لما أردت فوالذي بعثك بالحقّ لو استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه معك، ما تخلّف منا رجل واحد، وما نكره أن تلقى بنا عدوّاً غداً إنّا لصبر في الحرب، صدق في اللقاء، ولعلّ الله يريك منّا ما تقرّ به عينك، فسر بنا على بركة الله)، ففرح النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- بردّ سعد بن معاذ واستبشر خيراً في معركته مع قريش.
نُصرة سعد بن معاذ للرّسول -صلّى الله عليه وسلّم- في حادثة الإفك؛ فحين شاع الكلام عن السيّدة عائشة بنت أبي بكر -رضي الله عنها- زوراً؛ خرج النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- إلى المنبر يتحدّث إلى النّاس، وقال بأنّه تأذّى من الكلام على أهل بيته وهو لم يعلم منهم إلّا خيراً، فوقف سعد بن معاذ -رضي الله عنه- وكان قد تأذّى ممّا تأذّى منه الرّسول صلّى الله عليه وسلّم؛ فقال: (يارسول الله أنا أعذرك منه إن كان من الأوس ضربت عنقه وإن كان من إخواننا الخزرج أمرتنا فعلنا أمرك).
فَضْل سعد بن معاذ
بالرّغم من أنّ مدّة إسلام سعد بن معاذ -رضي الله عنه- لم تتجاوز سبع سنين إلا أنّه ترك أثراً عظيماً ونال فضلاً من الله -تعالى- أخبر عنه الرّسول صلّى الله عليه وسلّم، وكان سعد بن معاذ -رضي الله عنه- رجلاً جسيماً، لكنّه كان خفيف الوزن عندما حمله المسلمون يوم وفاته فتعجّبوا من ذلك، فأجابهم الرّسول -صلّى الله عليه وسلّم- بأنّ الملائكة كانت تحمل سريره معهم؛ تكريماً له ورِفعة، وقال أيضاً: (اهتزَّ عرشُ الرحمنِ، لموتِ سعدِ بنِ معاذٍ)، وأُتي للرّسول -صلّى الله عليه وسلّم- ذات مرةٍ بحرير وتعجّب الصّحابة -رضي الله عنهم- من جماله، وقال الرّسول بأن مناديل سعد بن معاذ في الجنّة ألين من الحرير وأرقّ منه.