الربا حكم الربا أضرار الربا
حكم الربا
كان الربا أحد أهمّ أعمدة الجاهليّة، فقد كانوا يعتمدون عليه في كسب الأرباح الماديّة، إلى أن جاء الإسلام وأنهى هذه المعاملة الظالمة الآثمة، وكان ذلك في حجّة الوداع عندما وقف النبيّ -عليه الصّلاة والسّلام- خاطباً في الناس، وقال: (وربا الجاهليَّةِ موضوعٌ وأوَّلُ ربًا أضعُهُ رِبانا رِبا العبَّاسِ بنِ عبدِ المُطَّلبِ فإنَّهُ مَوضوعٌ كلُّهُ)، ومن الجدير بالذكر أنّ أكل الربا مُخلٌّ بالإيمان، فلا يجتمع في العبد أكل الربا والإيمان؛ ولذلك استحقّ آكل الربا اللعنة والطرد من رحمة الله، فقد لعن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه، وممّا يدلّ على عظم ذنب أكل الربا، و بشاعتة أنّ حرمته تفوق حرمة الزنا، على الرغم ممّا يخلّفه الزنا من فسادٍ دينيٍّ ودنيويٍّ، وخيانةٍ لزوج المزني بها وأولادها، ووالديها، وتسمية الله تعالى له بالفاحشة، واختلاط الأنساب، وتدمير الأسرة، وسقوط الحياء، والدخول في متاهة الشكوك، والتبرّؤ من أولاد الزانية، وغيره الكثير، ولكن رغم كلّ هذه الأضرار والمفاسد، إلّا أنّ حرمة الربا أعظم، كما قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (دِرْهَمُ ربًا يأكلُه الرجلُ وهو يعلمُ أَشَدُّ من سِتَّةٍ وثلاثينَ زَنْيَةً).
أضرار الربا
يُعتبر الربا من أعظم الذنوب فهو محاربةٌ لله ورسوله، ويرجع السبب في ذلك للأضرار التي تلحق بالفرد والمجتمع والأمّة بسبب هذه المعاملة الآثمة، ومنها:
نزع البركة من العمر والكسب: فمن الممّكن أن يسلّط الله تعالى على المرابي ما يهلك ماله: كالحرق، أو اللصوص، أو أنظِمة الظلم، فيذهب كلّ ماله إذ إنّ الله تعالى توعّد آكل الربا بما يسوءه، كما في قوله تعالى: (يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا)، والأمثلة على ذلك كثيرةٌ جداً من أصحاب الشركات والأموال الذين يأكلون الربا، ثمّ يسلّط الله تعالى عليهم ما يهلك أموالهم.
الصدّ عن أبواب الخير: ومن صور الخير التي يُحرم منه المرابي؛ إقراض الناس، والصبر على المعسر، ويرجع السبب في ذلك إلى أنّ آكل الربا اعتاد على إقراض المال لفترةٍ معيّنةٍ وجني الأرباح من ذلك المال، فيصعب عليه بذل المال واحتساب الأجر على الله تعالى.
الحرمان من الطيّبات: إذ إنّ الله تعالى قد حرّم الطيّبات على اليهود بسبب أخذهم الربا وأكلهم أموال الناس بالباطل، كما في قوله تعالى: (فَبِظُلْمٍ مِّنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَن سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيرًا* وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ ۚ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا)، وهذا التحريم يشمل كلّ من فعل كفعلهم، فهو تحريمٌ قدريٌّ وشرعيٌّ، وفي زماننا الكثير من الأمثلة على ذلك، فمن الذين يأكلون الربا أُناس أثرياء ولكنّ الله تعالى بسبب أكلهم الربا ابتلاهم بأمراضٍ حرمتهم من الكثير من الطيّبات كالمشارب، والمآكل، والمناكح، أو ابتلاهم بهمومٍ وأحزانٍ كبيرةٍ لا يشعرون بمتعة الحياة بسببها.
عدم استجابة الدعاء: لأنّ أكل الحلال شرطٌ لاستجابة الدعاء، فقد روى أبو هريرة -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: (ذكر الرجلَ يطيلُ السَّفرَ، أشعثَ أغبَرَ، يمدُّ يدَيه إلى السماءِ، يا ربِّ، يا ربِّ، ومطعمُه حرامٌ، ومشربُه حرامٌ، وملبَسُه حرامٌ، وغُذِيَ بالحرام، فأَنَّى يُستجابُ لذلك).