اسالة متشابهة

    اسالة مرتبطة

    ما هي آسيا الصغرى ؟ص؟

    0
    20 Sep 2024
    20 Sep 2024
    0

    اسيا الصغري

    بالجهد تجد أسيا الصغرى لها مجالًا في دوائر المعارف الكتابية، لأن الإقليم المعروف الآن بهذا الاسم لا يذكر بهذا الاسم في  الكتاب المقدس ، وأول من أطلق عليها هذا الاسم هو الكاتب أورسيوس في القرن الخامس الميلادي، وهكذا أصبح الاسم يطلق الآن في كل اللغات على شبه الجزيرة التي تكون الجزء الغربي لتركيا الآسيوية.

    والسبب الذي يجعلنا نهتم بآسيا الصغرى من كل النواحي الجغرافية والتاريخية وأحوال شعوبها اجتماعيًا وسياسيًا في أيام العهد الجديد، هو ما قاله "جيبون" من أن الإقليم الواسع الغنى الذي يمتد من نهر الفرات إلى بحر إيجه، كان هو المسرح الرئيسي الذي ظهر عليه  الرسول يونس سول الأمم بكل غيرته وتقواه، ولا توجد منطقة أخرى -خارج مدينة روما- قد احتفظت بكل هذه السجلات عن نمو وطبيعة المسيحية الأولي.

     

    إقليم آسيا الصغرى:


    1- موقع وحدود إقليم آسيا الصغرى:

    أسيا الصغرى (تمييزًا لها عن سائر أقاليم قارة أسيا) أو الأناضول، هو الاسم الذي يطلق على شبه الجزيرة التي تمتد بين البحر الأسود (بحر بطنس) في الشمال، والبحر المتوسط في الجنوب، مكونة معبرًا مرتفعًا بين أسيا الوسطى وأوربا، حيث يفصل الركن الشمالي الغربي من شبه جزيرة أسيا الصغرى عن أوربا، مضيق البسفور وبحر مرمرة ومضيق الدردنيل، و يتاخمها  من الغرب بحر إيجه بجزائره العديدة المنتشرة فيه بين أسيا الصغرى وبلاد اليونان. والساحل الغربي تتخلله وديان الأنهار التي تشق طريقها وسط الجبال، وهو كثير التعاريج فيبلغ طوله أربعة أمثال المسافة المستقيمة بين أقصى نقطة في الشمال وأقصى نقطة في الجنوب، لذلك كثرت فيه المواني الصالحة للملاحة، فازدهرت تجارتها في كل العصور. أما في الشرق فقد جرت العادة على تحديد أسيا الصغرى بخط يمتد من  السكندرية  إلى سمسون على البحر الأسود، ولكن بالنسبة لتاريخ العهد الجديد، يجب أن نذكر أن جزءا من كيليكية  و كبدو كية  وبنطس (غلاطية) تقع شرقيّ ذلك الخط (بين خطى طول26 إلى 36 شرقا، وبين خطى عرض 36 إلى 42 شمالًا).

     

    2- الوصف العام لآسيا الصغرى:

    هناك إقليمان متميزان في شبه جزيرة الأناضول، من ثم لهما تاريخان منفصلان، هما الإقليم الساحلي وإقليم الهضبة الوسطى التي تحدها سلاسل الجبال من الغرب والشرق والشمال. وتنحدر الهضبة الوسطى المرتفعة نحو الشمال والغرب حيث أن سلاسل الجبال في هذين الجانبين ليست من الارتفاع مثل جبال طوروس في الجنوب والجنوب الشرقي، فجبال طوروس -فيما عدا في طرفها الجنوبي الشرقي- ترتفع ارتفاعًا حادًا مباشرًا من الساحل الجنوبي حتى إنها هي التي تشكل تعاريجه. أما في الشمال فإن جبال بنطس -التي هي امتداد لسلسلة جبال أرمينية- تعطي للساحل الشمالي شكله أيضًا. ولا توجد ميناء صالحة على هذا الساحل الشمالي سوي ميناء سينوب، حيث لا يوجد سهل ساحلي بالمرة . أما الساحل الجنوبي، فتوجد السهول الخصبة في بمفيلية و كيليكية كما توجد ميناء مكري وميناء مارياريكي وجليجا أداليا والإسكندرونة. أما في الغرب فإن الهضبة ترتفع تدريجيا من الساحل، وتوجد مسافة أكثر من مائة ميل تفصل ما بين جبال فريجية التي تبدأ منها الهضبة الشرقية وبين الساحل الغربي بخلجانه الصغيرة ومدنه التجارية، وتتكون هذه المائة من الأميال من وديان الأنهار التي تفصل بينها سلاسل الجبال  جبال آسيا الصغرى


    3- الجبال

    تمتد سلسلة الجبال الأرمنية غربا حتى تصل إلى الخط الوهمي الذي قلنا إنه يحدد أسيا الصغرى من الشرق، وهناك تتفرع إلى سلسلتين: جبال طوروس في الجنوب، وجبال بنطس في الشمال. ويقع جبل أرجيوس (ويزيد ارتفاعه على 12,000 قدم) عند زاوية تفرع هاتين السلسلتين، ولكنه أقرب إلى جبال طوروس منه إلى الجبال الشمالية. ويشق جبال طوروس في الجانب الشمالي من سهل  كيليكية  ممر يسهل اختراقه وفى نفس الوقت يسهل الدفاع عنه، ويعرف باسم "بوابات كيليكية ". كما يوجد طريق آخر طبيعي يصل من وسط  كبدوكية  إلى أميزوس على البحر الأسود. وهاتان السلسلتان من الجبال (ومتوسط ارتفاع جبال طوروس من 7,000-10,000 قدم، أما السلسلة الشمالية فأقل من ذلك كثيرا في الارتفاع) تضمان فيما بينهما غلاطية وسهول ليكأونية التي يحدها من الغرب "داغ السلطان" وجبال فريجية التي تمتد منها إلى الساحل الغربي، ثلاث سلاسل من الجبال تكتنف وديان كايوكس وهرمس ومياندر (مندرس) التي تمتد من الشرق إلى الغرب كطرق طبيعية للمواصلات والتجارة.

     

    4- الأنهار والبحيرات والسهول في آسيا الصغرى:

    تقع السهول الكبرى في الداخل وتشتمل على أجزاء من غلاطية وليكأونية و كبدوكية على ارتفاع بين 3,000، 4,000 قدم وتصل إليها الأنهار من الجبال المحيطة بها لكي تنتهي في بحيرات مالحة ومستنقعات. وفي العصور القديمة كان الكثير من هذه المياه يستخدم في الري، فقد كانت المناطق -التي لا تضم الآن سوى عدد قليل من القرى الفقيرة- يغطيها في العصر الروماني عدد كبير من المدن الكبيرة، تحيط بها زراعة متقدمة جدا، في تربة شديدة الخصوبة بطبيعتها. أما باقي الأنهار فتشق طريقها في ممرات صخرية ضيقة في أطراف الجبال المحيطة بالهضبة وفي الجانب الغربي من شبه الجزيرة، تنحدر هذه الأنهار إلى وديان متسعة منها وديان كايكوس وهرمس ومياندر (مندرس) وهى من أخصب الوديان في العالم. وفي هذه الوديان الغربية، وفي وادي سنقاريا (سنجاريوس) في الشمال الغربي، تجرى الطرق العامة العظيمة من الداخل إلى ساحل البحر وفي هذه الوديان قامت أعظم المدن التي ازدهرت في العصور الهيلينية والأغريقية الرومانية، ومنها انتشرت الثقافة الإغريقية والديانة المسيحية إلى كل البلاد وأعظم أنهار أسيا الصغرى هو نهر الهالز (قيزل) الذي ينبع من جبال بنطس وبعد أن ينحني في دائرة كبيرة نحو الجنوب الغربي، يتجه شمالا ليصب في البحر الأسود. والهالز والايريس، شرقي أميزوس، هما النهران الوحيدان اللذان لهما أهمية في الساحل الشمالي. أما الأنهار في الساحل الجنوبي -باستثناء ساروس وبيراموس اللذين يجريان من كبدوكية ويرويان سهول  كيليكية - فهي لا تعدو أن تكون سيولا جبلية تنحدر إلى البحر. ومن أهم معالم أسيا الصغرى أنهارها التي تختفي تحت الأرض في الصخور الجيرية، ثم تظهر مرة أخرى بعد أميال كثيرة كينابيع أو رؤوس أنهار. كما تنتشر الينابيع المعدنية والحارة في كل الإقليم، وتكثر بصورة خاصة في وادي مياندر (مندرس). كما توجد بحيرات مالحة كثيرة، كبراها هي بحيرة "أتا" في ليكأونية. كما تنتشر بحيرات المياه العذبة مثل كراليس وليمو في الجبال في الجنوب الغربي.

     

    5- الطرق في آسيا الصغرى:

    تحدد طبيعة أسيا الصغرى نظام الطرق فيها، وقد نشطت الحركة في تلك الطرق منذ فجر التاريخ، فالقادم من الفرات أو من سوريا يدخل أسيا الصغرى عن طريق مليتيني وقيصرية أو عن طريق بوابات  كيليكية . فمن قيصرية يستطيع أن يصل إلى البحر الأسود عن طريق زيلا وأميزوس، وإذا واصل سيره غربًا فإنه يصل إلى منطقة بحر إيجه، بإحدى الطرق التي حددتها الطبيعة كما ذكرنا آنفا، عن طريق وديان مياندر أو هرمس أو كايكوس. وإذا كانت وجهته البسفور فإنه يسير في وادي سنقاريا. كما توجد طرق أخرى تمتد من خليج أداليا إلى  انطاكية بيسيديه  أو إلى أباميا أو إلى لاودكية على نهر ليكوس ومنها إلى مياندر فأفسس. وقد حدد موقع العاصمة الحثية في "بتريا" الطريق الشمالي من السهل الأوسط للقادمين من الشرق إلى الغرب. وقد تبع ذلك المسار أيضا الطريق الملكي الفارسي . وبعد ذلك كانت الطريق من الشرق تسير بمحاذاة الجانب الجنوبي من أكسيلون شمالي أيقونية وأنطاقية بيسيدية إلى سهل ليكوس ومياندر وأفسس، وهو ينطبق على نفس الطريق من بوابات كيليكية  في نقطة إلى الشمال الشرقي من أيقونية. ولكي يمكن السيطرة على قبائل بيسيدية في عهد  اوغوسطس قيصر تم إنشاء سلسلة من الطرق في بيسيدية تخرج من أنطاكية، وكانت إحداها تمتد من أنطاكية إلى  لسترة وفيها سار  الرسول يونس  في رحلته من أنطاكية إلى أيقونية

     


    20 Sep 2024