التعريف بسورة البقرة
سورة البقرة سورة مدنية ويُعتقد أنها أول سورة نزلت فيالمدينة المنورة بيد أنّ بعض العلماء يرونها مكية لنزول قوله تعالى: (وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ۖ ثُمَّ تُوَفَّىٰ كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ)، في حجة الوداع في مكة، إلّا أنّ ما يفرّق بين المكّي والمدني ليس المكان إنّما الزمان أي ما بعد الهجرة النبوية يُعتبر مدنياً، فالآيات المكية تُركّز على العقيدة والوحدانية والمشركين ومجادلتهم وتقديم أدلّة الربوبية، بينما المدنية فتركز على الأحكام الفرعية وعلاقة اهل الكتاب مع المسلمين وسنّ الأنظمة لتكوين الدولة الإسلامية وتنظيمها،ويجدر بالذكر أنّ عدد آيات سورة البقرة مئتان وست وثمانون آية ومن أسمائها فسطاط القرآن لعظمها وكثرة الأحكام بها، فقد قال بعض العلماء إنّ سورة البقرة بها ألف أمر وألف نهي وألف حكم وألف خبر، ومن استطاع حفظ سورة البقرة سهل عليه حفظ القرآن
الكريم
سمّيت سورة البقرة بهذا الاسم؛ نسبةً إلى قصّة البقرة الواردة فيها، وكانت في زمان نبيّ الله موسى -عليه السلام-، إذ قُتل رجلٌ من بني إسرائيل، ولم يُعرف قاتله، فأراد الله -سبحانه- أن يُظهر عظيم قدرته في الإحياء والبعث قبل الجزاء، فأوحى إلى نبيّه موسى بذبح بقرةٍ، وضَرْب الرجل المقتول بجزءٍ منها بعد ذبحها، فعادت للمقتول رُوحه بأمرٍ من الله، وشَهِدَ على قاتله، فأظهر الله الحقّ وأبطل الباطل بأمره، وفي ذلك إشارةٌ إلى قدرة الله -سبحانه- في البعث، الذي يعدّ أمراً أساسياً في الإيمان، ومن الجدير بالذكر أنّ سورة البقرة سميّت بأسماءٍ عدّةٍ؛ منها
إذ أُطلق على سورتي البقرة وآل عمران: "الزهراوين"، كما ورد في قول النبي -عليه الصلاة والسلام-: (اقرؤوا الزهْرَاوينِ: البقرةَ وآلَ عمرانَ، فإنَّهما يأتيانِ يومَ القيامةِ كأنَّهما غمامَتانِ أو غيايتانِ، أو كأنَّهما فِرْقَانِ من طَيْرٍ صَوَافَّ، تُحَاجَّانِ عن أصحابِهما، اقرؤوا سورةَ البقرةِ؛ فإنَّ أخْذَها بركةٌ، وترْكُها حسرةٌ، ولا تستطيعُها البطَلَةُ)،
وقيل إنّهما سميّتا بالزهراوين؛ للأجر والنور العظيمَين المترتّب عليهما، وقد ورد عن الإمام القرطبي في سبب تسمية سورة البقرة ثلاثة أقوالٍ؛ فقيل: لأنّها تُنير لقارئها طريق الهداية، بما يظهر له من معانيها، أو لأنّها تمنح قارئها نوراً تامّاً يوم القيامة، أو لاشتمالها على اسم الله الأعظم.
في اللغة لفظٌ يُطلق على ما يُحيط بمدينةٍ، أو بمكانٍ ما، وسُمّيت سورة البقرة بذلك؛ لأنّها أحاطت بجملةٍ من الأحكام التي لم تُذكر في غيرها من السُّور. سنام القرآن: السنام في اللغة يُطلق على الشيء المرتفع، وسميّت سورة البقرة بالسنام؛ لأنّها أطول سور القرآن، وقيل لأنّها اشتملت على العديد من الأوامر والنواهي التي منحتها مكانةً بين سور القرآن. سورة الكرسي: وقد سمّيت بذلك لاحتوائها على آية الكرسي، التي تعدّ أعظم آيةٍ من آيات القرآن الكريم.
تترتّب العديد من الفضائل على سور ة البقرة، بيان البعض منها فيما يأتي:
فالحرص على قراءة سورة البقرة في البيوت من أسباب صدّ الشيطان عنها، وجعله يائساً عن تحقيق مُرادِه، وغايته في إفساد العباد، دليل ذلك ما رُوي في صحيح مسلم، عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، أنّ النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: (لا تَجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ مَقابِرَ، إنَّ الشَّيْطانَ يَنْفِرُ مِنَ البَيْتِ الذي تُقْرَأُ فيه سُورَةُ البَقَرَةِ).
undefinedأصناف الناس في سو
ذكرت بعض الآيات في سورة البقرة أصناف الناس اعتماداً على مواقفهم من القرأن، حيث جعلتهم ثلاثة أصناف ففي البداية نزلت أربع آيات بالمؤمنين وآيتان بالكفار وثلاث عشرة آية في المنافقين، فالمؤمنون هم أهل الإيمان الصادق الموقن بكل ما أُنزل من عند الله جلّ وعلا والالتزام به من الماديات والغيبيات، والملائكة، والرسل، والكتب، واليوم الآخر وهم المفلحون، ثمّ وصفت الكافرين أمثال أبي جهل وأبي لهب وتكذيبهم للقرآن فأغلقوا قلوبهم ومنعوا السمع والبصر من الإنصات لآيات الله فلهؤلاء عذاب شديد، ثمّ جاءت السورة بذكر أخطر الناس على الإسلام ألا وهم المنافقون فبهم الجبن، والخيانة، والكذب، والتضليل حيث إنّهم يلتوون على الناس ويقولون ما لا يفعلون، فأبرز صفاتهم إظهار الإيمان بالله واليوم الآخروإخفاء الكفر والخداع ومن جانبهم تكون الفتن والفساد لكنّهم لا يخفون عن خالقهم فهو أعلم بهم.
رة البقرة