الزكاة
تعريف الزكاة
تعريف الزكاة اصطلاحا
في اللغة لها عدة معان منها: البَرَكة والنَّماءُ والزيادة، يقال: زكا الزرع أي: نما، وزكت البقعة أي: بوركت، والزكاء: ما أخرجه الله من الثمر، وأرض زكية: طيبة سمينة، حكاه أبو حنيفة. قال ابن منظور: «وفي حديث علي، كرم الله وجهه: المال تنقصه النفقة والعلم يزكو على الإنفاق، فاستعار له الزكاء وإن لم يك ذا جرم، وقد زكاه الله أزكاه. وتقول: هذا الأمر لا يزكو بفلان زكاء أي لا يليق به وأنشد:
الزكاة بمعنى: المدح، قال الله تعالى: ﴿فلا تزكوا أنفسكم﴾. وبمعنى: الطهارة، سواء كانت طهارة حسية، أو طهارة معنوية، كما في قوله تعالى قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا ، أي: طهرها من الأدناس. وزكى نفسه تزكية: مدحها، وفي حديث زينب: كان اسمها برة فغيره وقال: تزكي نفسها، وزكى الرجل نفسه إذا وصفها وأثنى عليها، وزكى القاضي الشهود إذا بين زيادتهم في الخير، وبمعنى: الصلاح، ورجل تقي زكي أي: زاك من قوم أتقياء أزكياء، «وقوله تعالى: ﴿خيرا منه زكاة﴾ أي: خيرا منه عملا صالحا، وقال الفراء: زكاة صلاحا. قال الله تعالى: ﴿وحنانا من لدنا وزكاة﴾، وقال تعالى: ﴿ولولا فضل الله عليكم ورحمته ما زكا منكم من أحد أبدا ولكن الله يزكي من يشاء﴾ صلح». وزكى المال زكاة أدى عنه زكاته، وزكاه أخذ زكاته، وتزكى: تصدق. وزكا الزرع يزكو زكاء بالفتح والمد أي نما. وغلام زكي أي: زاك، وقد زكا من باب سما وزكاء أيضا. وفي لسان العرب: «والزكاة: زكاة المال معروفة، وهو تطهيره، والفعل منه زكى يزكي تزكية إذا أدى عن ماله زكاته غيره: الزكاة ما أخرجته من مالك لتطهره به، وقوله تعالى: ﴿وتزكيهم بها﴾ قالوا: تطهرهم بها قال أبو علي: "الزكاة صفوة الشيء"، وزكاه إذا أخذ زكاته، وتزكى أي تصدق. وفي التنزيل العزيز: ﴿والذين هم للزكاة فاعلون﴾ قال بعضهم: الذين هم للزكاة مؤتون، وقال آخرون: الذين هم للعمل الصالح فاعلون»
والمال يزكو بك مستكبرا يختال قد أشرق للناظر.»
للزّكاة في اللّغة عدّة معانٍ وتعريفاتٍ، تبيّن مكانة الزّكاة حتّى في اللغة، وليس فقط في الشّريعة والإسلام، وهي مصدر زَكَوَ، وجمعها زَكَوات، وبيان معاني الزّكاة الشرعيّة على النّحو الآتي:
الزّكاة بمعنى التّطهير: فزكاة المال تعني تطهيره ممّا علِق به من أدران الحرام التي تعلق به، ربّما دون قصد المسلم، وتصريفات هذا المعنى هي: زَكَى يُزَكِّي تَزكيةً.
الزّكاة بمعنى الصَّلاح: يُقال للرّجل: زكيّ؛ أي أنّه رجلٌ تقيّ ذو صلاحٍ، وجمعها أزكِياء؛ أي أتقياء صالحون.
الزّكاة بمعنى النَّماء: يُقال: زكا الزّرع يزكو زكاءً؛ أي ازداد وكثُر ونما، وكلّ شيءٍ ازداد ونما وكثُر؛ فهو زكي ويزكو زكاءً.
الزّكاة بمعنى الأفضل أو الألْيَق أو الأنسب: يقول العرب: هذا الأمر لا يزكو؛ أي أنّه لا يليق، والأزكى: هو الألْيَق، والأفضل.
وقد جاءت تسمية الزّكاة بهذا الاسم؛ لما يلحق المالَ من الخير والنّماء والبركة بعد أدائها مِمّن تَجِب عليه، فهي في الاصطلاح قريبةٌ جدّاً من المعنى اللّغوي، يُقال: زكا الشّيء يزكو، إذا كثُر وبورِك فيه، وقال ابن عرفة: سُمِّيت الزّكاة بذلك؛ لأنّ مَن يُؤدّيها يتزكّى إلى الله؛ أي: يتقرّب إلى الله بالعمل الصّالح، وكلّ من تقرّب إلى الله بعملٍ صالحٍ فقد تزكّى وتقرّب إليه، ومن ذلك قوله تعالى: (يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّىٰ) وقوله تعالى: (قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا)؛ أي: قرَّب نفسه إلى الله بالعمل الصّالح.
الزّكاة في الاصطلاح الفقهيّ: هي حصّة مُقدَّرة من المال، فرضها الله عزّ وجلّ لمُستحقّيها، وقد ورد ذِكرهم في القرآن الكريم، كما فصّلتهم السُّنّة النبويّة المُطهَّرة، وقيل: هي القدر الواجِب إخراجُه لمُستحقّيه في المال الذي بلغ النِّصاب المُقدَّر شرعاً، بشروط معيّنةٍ، وقيل: هي مقدار مخصوص في مالٍ مخصوصٍ لطائفةٍ مخصوصةٍ، ويرد اسم الزّكاة على المال في الاسلام|المال]] المُزكّى نفسه الذي يُخرِجه صاحبُه، فيُسمّى المال المُزكّى به زكاةً.
وقد أطلق القرآن الكريم والسُّنّة النبويّة المُطهَّرة لفظ صدقةٍ على الزّكاة الشرعيّة، فيصحّ أن يُقال للزّكاة صدقة إذا جاء ذكرها في معرض وجوب إخراج المال؛ حيث قال تعالى في كتابه العزيز: (خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِها وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَالله سَمِيعٌ عَلِيمٌ) كما روى عبد الله بن عبّاس -رضي الله عنهما- أنّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- قال لمعاذ حين أرسله إلى اليمن: (إنّك تأتي قومًا أهلَ كِتابٍ، فادعُهُم إلى شَهادةِ أنْ لا إلهَ إلّا اللهُ وأنّي رسولُ اللهِ، فإنْ هُم أطاعوكَ لذلكَ، فأَعْلِمْهم أنَّ اللهَ افترضَ عليهِمْ خمسَ صَلَواتٍ في كلِّ يومٍ وليلةٍ، فإنْ هُم أطاعوكَ لذلكَ، فأَعْلِمْهم أنَّ اللهَ افترضَ عليهم صدقةً في أموالِهِمْ؛ تُؤخَذُ من أغنيائِهم، وتُرَدُّ على فُقَرائِهِم، فإنْ هُم أطاعوك لذلك فإيّاك وكرائِمَ أموالِهم، واتَّقِ دعوةَ المظلومِ، فإنّها ليس بينها وبين اللهِ حجابٌ)
استدلّ الفُقَهاء على وجوب الزّكاة بالنّصوص الشرعيّة من الكتاب والسُّنّة والإجماع، وأمّا دليل وجوبها من القرآن الكريم فهو قول الله تعالى: (وأقيمُوا الصَّلاةَ وآتُوا الزَّكَاةَ) وكذلك قوله تعالى: (خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِها وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ)، وقوله تعالى: (وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادهِ) وقوله تعالى: (وَالَّذِينَ فِي أمْوَالِهِمْ حَقٌ مَعْلومٌ لِلسَّائِل واْلمَحْرُومِ).
ودليل وجوب الزّكاة من سُنّة المُصطَفى -صلّى الله عليه وسلّم- ما يرويه ابن عبّاس -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلّى اللّه عليه وسلّم- لمعاذ حين أرسله إلى اليمن: (إنّك تأتي قومًا أهلَ كِتابٍ، فادعُهُم إلى شَهادةِ أنْ لا إلهَ إلّا اللهُ وأنّي رسولُ اللهِ، فإنْ هُم أطاعوكَ لذلكَ، فأَعْلِمْهم أنَّ اللهَ افترضَ عليهِمْ خمسَ صَلَواتٍ في كلِّ يومٍ وليلةٍ، فإنْ هُم أطاعوكَ لذلكَ، فأَعْلِمْهم أنَّ اللهَ افترضَ عليهم صدقةً في أموالِهِمْ؛ تُؤخَذُ من أغنيائِهم، وتُرَدُّ على فُقَرائِهِم، فإنْ هُم أطاعوك لذلك فإيّاك وكرائِمَ أموالِهم، واتَّقِ دعوةَ المظلومِ، فإنّها ليس بينها وبين اللهِ حجابٌ).وقد أجمعت الأمة الإسلامية على وجوب الزّكاة، وحرمة منعها.
تُشترَط للزّكاة عدّة شروطٍ، منها:
الإسلام: فلا تجِب الزّكاة على غير المُسلم؛ لأنّه غير مُكلَّفٍ بالتكاليف الشرعيّة.
الحريّة: فلا تجب الزّكاة على العبد؛ لأنّه لا يملك أمرَ نفسِهِ، ومُلك ماله يرجع لسيّده؛ إذ إنّ الأصل الذي هو العبدُ ملكٌ لسيِّده، فكلّ ما يملكه يكون ملكاً له.
البلوغ: فلا تصحّ الزّكاة ولا تقع من الصبيّ، حتّى إن بلغ مالُه النِّصاب، فإن كان له وليٌّ أخرَجَ وليُّه الزّكاة نيابةً عنه عند جمهور الفقهاء، وخالفَهم علماء الحنفيّة؛ فلم يُجيزوا للوليّ إخراج زكاة مال الصبيّ، وحُجّتهم أن الزّكاة عبادةٌ محضةٌ، لا يجوز أن يقوم بها إلا المُكلَّف، والصبيّ الغنيّ خارج التّكليف فلا تجب الزّكاة عليه.
العقل: فلا تجب الزّكاة على المجنون أو المعتوه وفاقد الأهلية، ولكنّها تجب على وليِّه كما قال جمهور الفقهاء بخصوص زكاة مال الصبيّ، فيُخرِج الوليّ الزّكاة عن فاقد الأهليّة من ماله بالمعروف، وخالف الحنفيّة للعلّة التي ذُكِرت في شرط البلوغ، وهي أنّ الزّكاة عبادة محضة، وأنّ المجنون وفاقد الأهليّة غير مُخاطَبَين بأداء العبادات، فلا تجب الزّكاة عليهما، ولا يجوز لأحد القيام بها نيانةً عنهما.
الملك التامّ للمال: فيجب أن تكون الزّكاة من مال المزكّي، وملكه الخالص.
بلوغ النِّصاب: بلوغ نصاب الزّكاة المُقدَّر شرعاً؛ يعني أن يصل المال إلى الحدّ المُشتَرَط لوجوب الزّكاة، وقد حدّد الفقهاء النِّصاب في زكاة الأموال بما يبلغ قيمة خمسةٍ وثمانين غراماً من الذّهب، ويختلف قدر النِّصاب باختلاف نوع الزّكاة.
حلول الحَوْل: وهو مرور عامٍ على بلوغ المال المُراد زكاته النّصابَ الشرعيَّ.