صدقة التطوع ، معنى صدقة التطوع ، فضائل صدقة التطوع ، آداب صدقة التطوع
صدقة التطوع
يسعى المسلمون جميعاً إلى إرضاء الله سبحانه وتعالى، وطلب العفو والمغفرة منه بأداء الأعمال الصالحة، وقد شرع الله عدة عبادات يتقرَّب بها عباده الصادقون منه، ومن بين تلك العبادات صدقة التطوع التي توصل إلى رحمة الله ومغفرته، وتكفير الذنوب والخطايا.
معنى صدقة التطوع
صدقة التطوع لغةً: من تَصَدَّق صدقةً، وهي ما يُعطى للفقير ونحوه من مالٍ، أو طعامٍ، أو لباسٍ على وجه القربى لله، وجمعها صدقات، وأعطاه صدقةً، والمتصدِّقُ: هو المُعطي.
صدقة التطوع اصطلاحاً: ما يُعطى للفقير والمحتاج؛ ابتغاء مرضاة الله، ونيل الأجر والثواب.
وقيل هي: ما يُخرجه المرء من خالص ما يملك قربةً لله سبحانه وتعالى وحده.
فضائل وآثار صدقة التطوع
آثار الصدقة في المجتمع
للصدقة الكثير من الفضائل والآثار التي لا تقتصر على الفقير أو المسكين فحسب، بل تتعداهما لتشمل المُتصدّق والمجتمع كلّه، ومن أهم الآثار والفضائل العامة للصدقة.
تُسهم الصَّدقة في علاج مشكلة الفقر وحلّها؛ ففيها تُسدُّ حاجة الفقير والمسكين، ويُقضى دينه، ويُفرج همُّه، فيُصبح مُنتجاً معطاءً لا مُستهلكاً مُحتاجاً.
الصّدقة نوع من أنواع التكافل الاجتماعيّ، حيث تتعمَّق فيها الأخوَّة بين أفراد المجتمع، وتنتشر المودة والمحبة بين الناس، وتسود الرحمة في المجتمع المسلم؛ فتصبح جميع أُسره كالجسد الواحد، متعاضدة، متماسكة، متراصة، ويظهر ذلك في رحمة الغني للفقير، وعطف القوي على الضعيف، وتنكسر دائرة الحسد بين الناس بعد أن يصبح الناس جميعاً شركاء في النّعم، وتتلاشى الفجوة بين الأغنياء والفقراء، وتختفي نظرة الحقد عند الفقراء اتجاه الأغنياء.
الصدقة سبيلٌ لإصلاح المجتمعات من الجرائم، وطريقٌ لوقاية أبناء المجتمع المسلم من السير خلف الانحراف الناتج عن الفقر، كما أنّ لانتشار الصدقة في المجتمع أثر في تقليل وقوع الشباب في الجريمة بدافع تأمين قوتهم وقوت عيالهم، حيث إنَّ من دوافع الجريمة الفقر والعَوَز والفاقة؛ وذلك ما يجعل المرء تحت تأثير ضغط توفير تكاليف ومستلزمات الحياة.
الصدقة تُصلح منظومة الأخلاق في المجتمع المسلم، فالفقر والحاجة من العوامل التي تدفع الإنسان إلى الكذب، والغش، وإخلاف الوعد، وأكل مال الناس بالباطل وغير ذلك من الأخلاق المذمومة، فلذلك كانت الصدقة من سبل سد تلك الأبواب الفاسدة، حيث تدفع المسلم لتحرّي الفضائل في ظل مجتمعٍ تسوده الرأفة والرحمة.
فضائل وآثار الصدقة على المتصدِّق نفسه
كما أنَّ للصّدقة فضائل وآثاراً تنعكس على المجتمع، فإنّ لها كذلك فضائل وآثاراً تظهر على المتصدِّق نفسه، فينتفع بها قبل أن ينتفع بها الفقير والمحتاج، ومن فضائل وآثار الصدقة على صاحبها:
· الصدقة سبيلٌ لنيل حبِّ الله والفوز بمرضاته.
· سبيلٌ لصون عِرض صاحبها، وستر عيوبة، ومغفرة هفواته اتجاه الناس.
· الصدقة سببٌ لنيل محبة الناس، ومودتهم وتوقيرهم، فصاحب الصدقة محمودٌ بين الناس، مُقدَّرٌ عندهم.
· سببٌ لانشراح الصدر، وسعة البال، وإزالة الهموم، وتحصيل السعادة؛ حيث إنَّ المتصدّق يشعر بالقرب من الله بعد أن أطاعه وامتثل لأوامره.
· الصدقة طريقٌ لتكفير الذنوب عند الله، ورفعة في الدرجة يوم القيامة.
· بابٌ لمضاعفة الأجر عند الله وزيادة الحسنات.
· طريقٌ من طُرق الرزق، حيث إن الله يفتح أبواب رزقه للمتصدّقين، ويُبارك في أموالهم وأعمارهم.
آداب صدقة التطوع
ينبغي على المتصدِّق أن يُراعي عدة آداب وشروط، وذلك حتى تكون صدقته مقبولةً عند الله سبحانه وتعالى، ويُحصِّل الأجر وينتفع بها، ومن أهم وأبرز آداب وشروط الصدقة.
أن يخلص نيته لله تعالى: إنّ الإخلاص أساس قبول جميع الأعمال والأقوال والعبادات، وإنّ أي عملٍ صالح يخلو من الإخلاص لن يُقبل عند الله سبحانه وتعالى، ومن ذلك الصدقة، فإن فُقد الإخلاص من الصدقة وخلا منها ودخلها الرياء وحبُّ الظهور سُلب منها جوهرها ومضمونها، قال الله تعالى: (وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ)[٦] فالله سبحانه وتعالى لا يقبل من العمل والقول والعبادة إلا ما كان خالصاً لوجهه خالياً من الرياء والسمعة وطلب الظهور، ودليل ذلك حديث النية المشهور والذي يرويه الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قال: قال صلى الله عليه وسلم: (إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا أَوْ إِلَى امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ).
أَلاَ تكون الصدقة متبوعةً بالمنِّ والأذى من المتصدِّق للمتصدَّق عليه: وذلك يؤدي إلى بطلان الصدقة وضياع أجرها، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُبْطِلُواْ صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالأذَى).
كما يُبطِل الرياء الأعمال، فإنّ المنّ على الفقير بعد التَّصدق عليه، وإيذاءه بالقول أو الفعل، يؤدي إلى إبطال الصدقة وضياع أجرها، وإنّ المنان حاله كحال المرائى يُظهر للناس أنه يريد فعل الخير، ولكنه يقصد نيل شيءٍ من الدنيا بصدقته فيخيب عمله بنيته الفاسدة.
أن تكون الصدقة مما طاب من المال وكان مصدره حلالاً: فإن أفضل الصدقة ما كان طيباً في أصله طيباً في أثره، ذا نفعٍ للناس، مصدره حلال ومخرجه حلال، وقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال بذلك: (إِنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ لَا يَقْبَلُ إِلَّا طَيِّبًا).
الإِسْرَاعُ فِي إِخْرَاج الصدقة: وذلك لينتفع بها صاحبها بتكفير ذنوبه، وينتفع بها الفقير في تيسير أمور دنياه، كما أن حاجة المتصدّق للصدقة أشد من حاجة الفقير لها، فهو بإخراجها بنيةٍ خالصة ينال حبَّ الله وتُكفَّر عنه ذنوبه حتى يكون من أهل الجنة.
التَّصَدُّقُ وَلَوْ بِالقَلِيلِ: لا ينبغي للمتصدق أن ينظر لصدقته بعين الاستخفاف، فربما تقع موقعاً عند الله وعند من يُتصدَّق عليه تجعله ينال بها أجراً لم يبلغه من تصدَّق بالغالي والنَّفيس.
أَنْ تَكُونَ الصدقة في السر حتى يضمن ألا يدخل الرياء إلى عمله إذا رآه الناس وتناقلوا خبر صدقته.
أن يعطي المتصدق الصدقة بوجه بشوش لمستحقيها من الفقراء والمساكين، فتقع موقعاً حسناً في نفس صاحبها وآخذها، ويتضاعف الأجر له في الدنيا والآخرة.