السنة ، النبوية ، سنة صلاة الجمعة ، سنن يوم الجمعة ، مكانة السنة النبوية ،
السنة النبوية
تُعرّف السنّة النبوية في الاصطلاح الشرعي أنّها ما أُضيف إلى الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- من قولٍ، أو فعلٍ، أو تقريرٍ، ويظهر من ذلك أنّها تنقسم إلى ثلاثة أقسام؛ الأوّل السنة القوليّة؛ وهي ما ورد من أحاديث الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- وأقواله التي قالها في حياته في مختلف المواقف والمناسبات، والثاني السنّة الفعلية؛ وهي أفعال الرسول -صلّى الله عليه وسلّم-
التي كان يواظب عليها ويقوم بها، مثل: كيفية الصلاة، ومناسك الحجّ، وغيرها، أمّا القسم الثالث من أقسام السنّة النبوية فهي السنّة التقريرية؛ ويُقصد بها ما سكت الرّسول -صلّى الله عليه وسلّم- عن إنكاره مع حصوله أمامه أو في حياته وقد علم به، ويكون ذلك إمّا بموافقته عليه واستحسانه له، وإمّا بمجرّد عدم إنكاره؛ كما في أكل الضبّ.
سنة صلاة الجمعة
لم يرد في سنة رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنّ لصلاة الجمعة سنّة قبليّة يصليها المسلم قبل صلاة الجمعة على أنّها راتبة لها، وفي قول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (من اغتسَلَ يومَ الجمعةِ، وتَطَهَّرَ بما استطاع من طهرٍ، ثمَّ ادَّهَنَ أو مسَّ من طيبٍ، ثمَّ راحَ فلمْ يُفَرِّقْ بينَ اثنينِ، فَصَلَّى ما كُتِبَ لَهُ، ثمّ إذا خرجَ الإمامُ أنصتَ، غُفِرَ لهُ ما بينَهُ وبينَ الجمعةِ الأخرَى)
يُراد بقوله: (فصلّى ما كتب له)؛ مشروعيّة النافلة بشكلٍ عام قبل صلاة الجمعة، فمَن أراد أن يصلّى قبلها ركعتين أو أكثر جاز له ذلك، على أن تكون صلاته بنيّة التنفّل عامةً، لا بنيّة السنة الراتبة لصلاة الجمعة، أمّا السنة الواردة بعد صلاة الجمعة فقد ورد فيها حديثان عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، الأول منهما: (إذا صلَّى أحدُكم الجمعةَ فليصلِّ بعدها أربعاً)
والثاني ما رُوي أنّه: (أن لا يُصلِّي بعدَ الجمُعةِ حتى يَنصَرِفَ، فيُصلِّي ركعتَينِ)، وبناءً على الحديثين السابقين اختلف العلماء في عدد الركعات المسنونة بعد صلاة الجمعة، فقال بعضهم إنّها ركعتين، وقال آخرون أربع ركعات، وقيل أيضاً: ستة ركعات بالجمع بين القولين، وهذه الأقوال جميعها معتبرة، ويجوز للمسلم الأخذ بأيّها شاء، وقال بعض العلماء؛ مثل: ابن
تيمية، وابن القيم إنّ الإنسان إن صلّاها في المسجد كانت أربعة ركعات، وإن صلّاها في بيته جعلها ركعتين.
سنن يوم الجمعة
إنّ ليوم الجمعة عدّة سنن وآداب يستحبّ للمسلم القيام بها فيه، منها:
التطيّب، ودهن الشعر، ويكون ذلك بأي نوعٍ من العطور أو البخور.
لبس أفضل ما عند الإنسان من الثياب؛ لقول الرّسول صلّى الله عليه وسلّم: (ما على أحدِكم إن وجدتُم أن يتَّخذَ ثوبينِ ليومِ الجمعةِ سوى ثوبَي مِهنتِهِ).
استخدام السّواك؛ وهو سنّة عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- عند كلّ صلاة، وتكون آكد يوم الجمعة.
الذهاب إلى المسجد مبكّراً في أوّل الوقت، فيغتسل المسلم، ويتطيّب، ويُسارع في الذهاب إلى المسجد؛ ليقرأ القرآن، ويذكر الله إلى حين وقت الصلاة.
قراءة سورة الكهف، فهي تنير للمسلم ما بين جمعتيه كما أخبر الرّسول صلّى الله عليه وسلّم، حيث قال: (من قرأ سورةَ الكهفِ في يومِ الجمعةِ، أضاء له من النورِ ما بين الجمُعتَينِ).
الإلحاح على الله -عزّ وجلّ- بالدعاء والابتهال والتبتّل، والاجتهاد في تحصيل ساعة الإجابة في يوم الجمعة التي أخبر الرّسول -صلّى الله عليه وسلّم- عنها.
مكانة السنّة النبوية
تعدّ السنّة النبويّة القسم الثاني من أقسام الوحي المنزل على محمّد صلّى الله عليه وسلّم، حيث إنّ القسم الأول من الوحي هو القرآن الكريم، ودليل ذلك قول الله تعالى: (وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى*إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى)، وتكمُن أهمية السنة النبوية في أنّها شارحة، ومبيّنة لما أنزله الله -تعالى- في القرآن الكريم، بل وتزيد أحياناً عليه في الأحكام، وفي ذلك قال الله تعالى: (
وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ)، فالسنّة النبوية تبيّنر ما كان في القرآن الكريم بأحد طريقتين؛ إمّا أن تفصّل ما ورد في القرآن الكريم مجملاً؛ ومثاله: توضيح إقامة الصلاة المفروضة في القرآن بشكلٍ مجملٍ، فلم يذكر القرآن كيفية إقامة الصلاة، وما فيها من أركان، وواجبات، فجاءت السنة توضّح ذلك، وتفصّله، وتبيّنه، وإمّا أن تزيد على
ما جاء في القرآن الكريم من أحكام؛ كمثل إخبار الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- بحُرمة الجمع بين المرأة وعمتها، وبين المرأة وخالتها في الزواج.
وبما أنّ السنّة النبويّة وحي من الله سبحانه؛ فلا بدّ من حفظها؛ حتى يتمّ بذلك حفظ الدين من النقص، أو من الضياع، أو من التحريف، ففي تفسير قول الله تعالى: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ)، قال ابن حزم الظاهري رحمه الله: إنّ المراد بالذكر الوحي بلا خلاف، وبالتالي فالوحي محفوظ بحفظ الله -تعالى- على سبيل اليقين، وهو منقول كلّه إلينا، ولا سبيل إلى
ضياع شيءٍ منه، والفرق بين السنّة والقرآن؛ أنّ القرآن كلام الله تعالى، ووحيه كذلك، حيث أنزله إلى نبيّه محمّد صلّى الله عليه وسلّم، أمّا السنّة فهي وإن كانت وحياً من الله تعالى؛ إلّا أنّها بلفظ الرّسول صلّى الله عليه وسلّم، وبالتالي فالعبرة في السنة هو المعنى والمضمون، وليس ذات الألفاظ المتشكّلة منها، على خلاف القرآن الكريم.