الحج ، شعائر الحج ، أركان الحج ،الإحرام بالحج ، الوقوف بعرفة ، طواف الإفاضة ، السعى بين الصفا والمروة، واجبات الحج ، حكم الج
شعائر الحج
مناسك الحجّ أو شعائر الحجّ هي أعمال الحج وعباداته، قال الرّاغب الأصفهاني: النُّسُكُ هو العبادةُ، والنّاسك هو العابد، واختصَّ النُّسُك بأعمال الحجِّ، والمناسك هي مواضع النُّسُك وأعمالها. والمناسك أو الشعائر في الاصطلاح هي: العبادات التي يتمّ أداؤها في الحجّ، ويُطلِق البعض لفظ المناسك على الأماكن التي تُنفّذ فيها أعمال وعبادات الحجّ، وقيل أن المناسك مواضع ومواقف النُّسُك وأعمالُها، وشعائر الحج وأعماله منها ما هو ركن ومنها ما هو واجب ومنها ما هو سُنّة.
أركان الحج
للحجّ أربعة أركان، وركن الشيء هو ما يقوم فيه الشيء وداخلاً فيه ولا يتم الشيء إلا به، وأركان الحج هي ما يقوم الحج فيها ويُبنى عليها وهي داخلة في أعمال الحج، فإن وُجدت هذه الأركان صحّ الحجّ وتمّ واستقام، وإن لم تُوجَد أركان الحج أو أحد أركان الحج؛ فالحج باطل في هذه الحالة، حيث إنّ أركان الحج هي:
· الإحرام.
· الوقوف بعرفة.
· طواف الإفاضة.
· السعي بين الصفا والمروة.
واختلف العلماء في هذه الأركان؛ فالمالكيّة والحنابلة قالوا هي الإحرام والوقوف بعرفة وطواف الإفاضة والسّعي بين الصفا والمروة، أمّا الحنفيّة فيقتصرونها على ركنين فقط وهما الوقوف بعرفة وطواف الإفاضة، أمّا الشافعيّة فقالوا أنّ أركان الحج خمسة وهي نفس الأركان كما عند المالكية والحنابلة وأضافوا لها ركناً خامساً وهو الحَلْق.
الإحرام بالحج
إذا أراد الإنسان المسلم أن يُحرِم بالحجّ فيُستحَبّ له أن يغتسل؛ وذلك للحديث الذي يرويه زيد بن ثابت -عليه رضوان الله- (أنَّهُ رأى النَّبيَّ - صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ - تجرَّدَ لإحرامِهِ واغتسلَ(،' ومن لم يجد الماء اللازم للغُسُل يجوز له أن يتيمم بالصعيد الطاهر؛ لأنّ الغسُل عند الإحرام غسلٌ مشروع، وفي حال عدم وجود الماء فإنه يتيمم بدل الغسل، فيغتسل من يريد الحج ثم يتجرد عن الملابس المخيطة، ويستبدل لبس المخيط بملابس الإحرام وهي إزار مع رداء أبيضين، ويلبس معهما نعلين، ويستحب لمن أراد الإحرام أن يتطيّب في جسمه وبدنه قبل الإحرام للحديث الذي روته السيدة عائشة بنت أبي بكر -رضي الله عنها- قالت: (كنتُ أطيِّبُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم لإحرامِه حين يُحِرمُ، ولِحِلِّه قبلَ أن يطوفَ بالبيتِ).
ويُستحَبّ أن يصلّي عند الإحرام ركعتين، ثمّ ينوي الإحرام ويلبّي مع النيّة وذلك بأن يقول: لبّيك اللهم حجاً (وهي تلبية الإفراد بالحج)، ولبّيك اللهم حجاً وعمرة (وهي تلبية الحاج القارن بين الحج والعمرة)، ولبّيك اللهم عُمرة (في حال كان متمتعا بالعمرة إلى الحج)، فإن اقتصر المُحرِم على النيّة ولم يلبّي جاز ذلك، وقال بعض العلماء: لا ينعقد الإحرام بالحج إلا بالتلبية والنية معاً. وللمحرم أن يُعيّن ما يريد أن يحرم به عند إحرامه، فإن لبّى بنُسُك العمرة ونيّته متوجّهة إلى الحج ينعقد ما نواه؛ فالنيّة محلُّها القلب، وللمحرم أو المبادر إلى الإحرام بالحج أو العمرة أن يحرم ويجعل إحرامه مبهماً؛ لما روى أبو موسى الأشعري قال: (قَدِمْتُ على النبيِّ -صلى الله عليه- وسلم بالبطحاءِ ، فقال : أَحَجَجْتَ؟ قلتُ : نعم . قال : كيف أَهْلَلْتَ؟ قلتُ : لبَّيكَ بإهلالٍ كإهلالِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، قال : طُفْ بالبيتِ ، وبالصفا والمروةِ ، ثم حِلْ)
هل الأفضل الإبهام أو التعيين؟ فيها قولان؛ القول الأول: ذهبوا إلى أنّ التعيين أفضل؛ وسبب ذلك أنه إذا عيّنَ ما يريده المحرِم عند الإحرام عَرِف ما دخل فيه وهو أولى، والقول الثاني: قالوا بأن الإبهام أفضل؛ لأنّه أحوط لما قد يحدث مع الحاج فربما تعرّض المُحرِم لمرض؛ فيقوم في حال الظرف الطارئ بما هو أسهل عليه وأرفق به وبالتعيين ينعقد الإحرام بما عيّنه.
الوقوف بعرفة
الركن الثاني هو الوقوف بعرفة، والوقوف بعرفة أهمّ ركن، والرسول -صلى الله عليه وسلم- يقول: ( الحجُّ عرفةُ، مَن أدرك عرفةَ ليلةَ جمعٍ قبلَ طلوعِ الفجرِ ؛ فقد أدرك الحجَّ، أيامُ منًى ثلاثةٌ؛ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِى يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْ)، وعرفة هو الجبل المُطلّ على مِنى، ويبدأ وقت عرفة من ظهر التاسع من ذي الحجة إلى فجر يوم النّحر، فمن أدرك الوقوف بعرفة في الوقت المحدد فقد أدرك الحج، ويُفضّل أن يجمع الحاج بين الليل والنهار. ويشترط الوقوف في حدود عرفة، فلا يُعتبَر وقوف من وقف خارج حدودها، والسنة البقاء في عرفة إلى غروب الشمس ثم ينطلق الحاج من عرفة إلى مزدلفة ويصلّي المغرب في مزدلفة جمع تأخير مع العشاء.
طواف الإفاضة
وطواف الإفاضة ركن رئيسي من أركان الحج، وله وقتان الأول وقت أفضليّة وهو كما فعل الرسول -عليه الصلاة والسلام- ويكون وقت الأفضلية في يوم النحر بعد رمي الجمرات والنّحر والحلق، وقد ورد في صفة حج الرسول في الحديث الذي رواه جَابِرٍ فِي صِفَةِ حَجِّ النَّبِيِّ -عليه الصلاة والسلام- يَوْمَ النَّحْرِ: (فَأَفَاضَ إلَى الْبَيْتِ، فَصَلَّى بِمَكَّةَ الظُّهْرَ)، ويجوز تأخير طواف الإفاضة إلى الليل من يوم النحر، وأما الوقت الثاني فيُعتبَر وقت إجزاء بحيث أنه لو طاف الحاج في هذا التوقيت أجزأه (وهو في باب الجواز)، ويبدأ هذا الوقت بعد نصف ليلة النحر عند الشافعي وبعد فجر يوم النحر عند أبي حنيفة، وصفة الطواف أن يجعل الحاج الحجر الأسود عن يساره ثم يبدأ بالطواف من الحجر الأسود وينتهي عند الحجر الأسود كما بدأ؛ فشوط الطواف يبتديء من الحجر الأسود وينتهي الشوط عند الحجر الأسود كذلك، وحتّى يُتمّ الحاج طواف الأشواط السبعة.
السعي بين الصفا والمروة
والسعي ركن من أركان الحج، ويكون بعد طواف القدوم والأفضل أن يكون السعي بعد طواف الإفاضة، فيصعد إلى الصفا ثم يبدأ بالسعي من الصفا ماشياً باتجاه المروة، ويهرول في وسط منطقة المسعى، ثمّ يتابع السعي إلى المروة ماشياً، وبوصوله إلى المروة يكون قد أكمل الشوط الأول، ثم يرجع من المروة إلى الصفا بنفس الطريقة حتى يُتمّ الأشواط السبعة في السعي بين الصفا والمروة.
واجبات الحج
للحجّ واجبات تختصّ فيه، وهذه الواجبات هي:
الإحرام من المواقيت المكانيّة: وذلك لقوله - عليه الصلاة والسلام- حينما وقّت المواقيت المكانيّة التي يُحرِم منها الحاج والمعتمر: (وَقَّتَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم لأهلِ المدينةِ ذا الحُلَيْفَةَ، ولأهلِ الشامِ الجُحْفَةَ، ولأهلِ نَجْدٍ قَرْنَ المنازلِ، ولأهلِ اليمنِ يَلَمْلَمَ، فهُنَّ لَهُنَّ، ولِمَن أَتَى عليهنّ من غيرِ أهلِهِن، لِمَن كان يريدُ الحَجَّ والعمرةَ، فمن كان دونَهن فمُهَلُّهُ من أهلِهِ، وكذلك حتى أهلُ مكةَ يُهِلُّون منها).
الوقوف على عرفة إلى غروب الشمس: وذلك لحديث جابر -رضي الله عنه- في صفة حجّة النّبي -صلّى الله عليه وسلّم- وفيه: (فلم يزل واقفاً حتّى غربت الشّمس وذهبت الصّفرة قليلاً حتى غاب القرص).
المبيت ليلة النحر بمزدلفة: عند غروب شمس يوم عرفة، ينفر الحجّاج من عرفة إلى مزدلفة باطمئنان وهدوء والواجب أن يبيتوا في مزدلفة.
المبيت بمنى في ليالي التشريق: فالواجب على الحجاج المبيت بمنى في ليالي التشريق.
رَمْي الجمرات: يخرج الحجّاج إلى منى في يوم النحر ويرجمون الجمرة الكبرى ويبيتون في منى في ليلة الحادي عشر، وعند زوال شّمس الحادي عشر من ذي الحجة يبدأ الحجاج برمي الجمرات ويبدأون بالجمرة التي من جهة مسجد الخيف، يرمونها بسبع جمرات، وعند الفراغ من الرّمي يتنحّى الحاج قليلاً ثم يدعو الله عزّ وجلّ، ثمّ يتوجه إلى الجمرة الوسطى ويرميها بنفس الطريقة، ثمّ يذهب إلى الجمرة الكبرى ويختم بالرمي فيها، ويكون مجموع الحصيات للجمرات الثلاث إحدى وعشرين حصية؛ لكل واحدة من الجمرات سبع حصيات، ويقف ويكرر الحاج الرمي في اليوم الثّاني عشر بنفس الطريقة، وللحاج أن يتعجّل في اليوم الثاني عشر، فإن بقي في منى في اليوم الثالث عشر من ذي الحجة، فإنه يكرّر رمي الجمرات كما فعل.
الحلق أو التقصير: وذلك لقول اللَّه تعالى: (وَلاَ تَحْلِقُواْ رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ)، ولأنّ النّبي - صلّى الله عليه وسلّم - أمر به فقال: (وليُقصِّر وليحلّ(.
طواف الوداع: وذلك أنّ الرّسول - صلّى الله عليه وسلّم - قد طاف طواف الوداع عند خروجه من مكة، وأمر المسلمين بذلك، فعن ابن عباس رضي اللَّه عنهما قال: كان النّاس ينصرفون في كلّ وجهة، فقال رسول اللَّه صلّى الله عليه وسلّم: (لا ينفرنَّ أحدٌ حتى يكون آخر عهده بالبيت).
حكم الحج
يُعدّ الحجّ ركناً من أركان الإسلام، وفريضةً من الله عزّ وجلّ، قال سبحانه وتعالى: (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ)، وهو كذلك فرض عين على كلّ مسلم مستطيع وقادر عليه.
بالتّالي فإن الحج فرض على كل مسلم بالغ عاقل قادر مرة واحدة في العمر، جاء في حديث ابن -عمر رضي الله عنهم- أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم قال: (بُنِي الإسلامُ على خمسٍ: شَهادةِ أن لا إلهَ إلا اللهُ وأنَّ محمدًا