شرع الله سبحانه وتعالى عيدَين للمسلمين في كل عام، وكل عيد يأتي بعد أداء عبادة عظيمة وجليلة أمر الله بها عباده، فعيد الفطر المبارك يأتي بعد صيام شهر رمضان الذي يُعدّ الركن الرابع من أركان الإسلام، وفي العيدين شرع الله للمسلمين في أقطار الأرض أن يتبعوا سنناً وآداباً فعلها النبي صلى الله عليه وسلم، فكان الرسول الكريم يحافظ على إظهار الفرحة في العيد ويؤديها شكراً لله على ما أنعم على المسلمين بالهداية إلى طريق الصراط المستقيم.
عيد الفطر
العيد في اللغة له اشتقاقان؛ الأول: من عاد يعود؛ أي كأنهم عادوا إليه، الثاني: من العادة؛ لأنهم اعتادوه، والعيد جمعه أعياد، وهو كل يوم فيه جمع، وقيل هو الوقت الذي يعود فيه الفرح والحزن، وإنما سُمّي العيد عيداً؛ لأنه يعود كل سنة بفرح مجدّد، أو لعوده وتكراره كل عام، أو لكثرة عوائد الله سبحانه وتعالى على عباده في ذلك اليوم. الفِطر في اللغة يُطلق على عدة معانٍ؛ الشق، وجمعه فطور، قال الله سبحانه وتعالى: (فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَىٰ مِن فُطُورٍ)، ويُطلق الفطر على الإفطار وعلى حبات العنب أول ما تبدو.أما عيدالفطر فهو: الأول من شهر شوال، وهو اليوم الأول الذي يبدأ به الإفطار للصائمين، ولذا سُمّي بعيد الفطر، ويُحرَم الصوم فيه.
كيفية أداء صلاة عيد الفطر عند الأئمة الأربعة
صلاة العيد ركعتان ولفقهاء المذاهب الفقهية في كيفية أداء صلاة العيد اختلافات وتفصيلات فيما بينهم، وفيما يلي بيان لذلك:
كيفية أداء صلاة عيد الفطر عند الحنفية
أن ينوي المصلّي أداء صلاة عيد الفطر بقلبه، ويقول بلسانه: أصلي صلاة عيد الفطر لله تعالى، أما إذا كان المصلّي مقتدياً فإنه ينوي أيضاً متابعة الإمام.
أن يُكبّر المصلّي تكبيرةالإحرام.
أن يضع المصلّي يده اليمنى على يده اليسرى، تحت سُرّته، ثم يقرأ الثناء.
أن يُكبّر المصلّي تكبيرات الزوائد بأن يُكبّر الإمام ويتبعه المقتدون، وهي عبارة عن ثلاث تكبيرات يرفع المصلي يديه عند كل تكبيرة، يسكت المصلي بين كل تكبيرة والأخرى مدة مقدارها ثلاث تكبيرات، ولا يُسنُّ خلال هذه المدة ذكر، ولا بأس بأن يقول: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلاّ الله، والله أكبر.
أن يتعوّذ المصلّي بالله سرّاً، ثم يُبسمل، ثم يقرأ سورة الفاتحة، ويقرأ بعدها سورة أخرى، ويُندَب أن تكون سورة الأعلى.
أن يُكبّر المصلّي للركوع، ثم يُكمل بقية أعمال الركعة الأولى من ركوع وقيام وسجود.
أن يقوم المُصلّي للركعة الثانية مكبّراً لها، ثم يقرأ البسملة وسورة الفاتحة، ثم يقرأ سورة أخرى، ويُندَب أن تكون سورة الغاشية.
أن يُكبّر المصلّي تكبيرات الزوائد، وهي ثلاث تكبيرات كما في الركعة الأولى.
أن يُكبّر المصلّي للركوع، ويكمل بقية أعمال الصلاة.
يرى فقهاء الحنفية أنه من الجائز تقديم تكبيرات الزوائد على القراءة في الركعة الثانية، ولكنّ الأولى عدم القيام بذلك.
إذا زاد الإمام في عدد تكبيرات الزوائد فوق ثلاث تكبيرات، يجب على المقتدي أن يتابعه في ذلك إلى ست عشرة تكبيرةً، فإن زاد الإمام على ذلك فلا يُلزَم المقتدي متابعته.
كيفية أداء صلاة عيد الفطر عند المالكية
أن يُكبّر المصلّي تكبيرة الإحرام.
أن يُكبّر تكبيرات الزوائد، وعددها ست تكبيرات.
أن يقرأ سورة الفاتحة، ثم يقرأ بعدها سورة أخرى، ويُسنّ أن تكون سورة الأعلى.
أن يُكبّر للركوع، ثم يُتمّ أعمال الركعة الأولى.
أن يُكبّر قائماً للركعة الثانية.
أن يُكبّر تكبيرات الزوائد، وعددها خمس تكبيرات، عدا تكبيرة القيام.
أن يقرأ سورة الفاتحة، ثم يقرأ سورة الشمس.
ان يُكبّر للركوع، ويُتمّ أعمال الصلاة، وما فيها من ركوع وقيام وسجود وسلام.
كيفية أداء صلاة عيد الفطر عند الشافعية
أن يُكبّر المصلّي تكبيرة الإحرام.
أن يقرأ المصلّي دعاء الافتتاح.
أن يُكبّر تكبيرات الزوائد، وعددها سبع تكبيرات، رافعاً يديه حذو مكبيه في كل تكبيرة، وتفصل بين كل تكبيرة والتي تليها مدة بقدر آية معتدلة، ويقول في هذه المدة: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ويُسنُّ له أن يضع يده اليمنى على يده اليسرى، تحت صدره بين كل تكبيرتين.
أن يتعوّذ بالله، ثم يُبسمل، ثم يقرأ سورة الفاتحة، ثم يقرأ بعدها سورة أخرى، ويُسنّ أن يقرأ سورة (ق)، أو سورة الأعلى، أو سورة الكافرون.
أن يُكبّر للركوع، ويُكمل أعمال الركعة الأولى وما فيها من ركوع وسجود.
أن يُكبّرالمصلّي قائماً للركعة الثانية.
أن يُكبّر خمس تكبيرات، غير تكبيرة القيام.
أن يقرأ سورة الفاتحة، ثم يقرأ سورة أخرى، ويُسن أن تكون سورة القمر أو سورة الإخلاص.
أن يُكمل أعمال الصلاة وما فيها من ركوع وسجود.
كيفية أداء صلاة عيد الفطر عند الحنابلة
أن ينوي المصلّي أداء ركعتي صلاة العيد فرضاً كفائياً.
أن يُكبّر تكبيرة الإحرام، ثم يقرأ دعاء الاستفتاح.
أن يُكبّر تكبيرات الزوائد وعددها ست تكبيرات، رافعاً يديه عند كل تكبيرة، وقائلاً بين كل تكبيرة والتي تليها: الله أكبر كبيراً، والحمد لله كثيراً، وسبحان الله بكرة وأصيلاً، وصلى الله على النبي وآله وسلم تسليماً.
أن يتعوّذ ثم يُبسمل، ثم يقرأ سورة الفاتحة، ثم يقرأ سورة الأعلى، ثم يركع، ويُتمّ أعمال الركعة.
أن يُكبّر قائماً للركعة الثانية.
أن يُكبّر تكبيرات الزوائد، وعددها خمس تكبيرات، ويقول بين كل تكبيرتين ما قال بين تكبيرات الركعة الأولى.
أن يُبسمل، ثم يقرأ سورة الفاتحة، ثم يقرأ سورة الغاشية.
أن يُكبّر للركوع، ثم يكمل أعمال الصلاة، وما فيها من ركوع وقيام وسجود وسلام.
سنن يوم العيد
يُستحب للمسلم في يوم العيد فعل سنن يوم العيد ومنها:
أن يقوم المسلم بالتكبير من وقت غروب شمس آخر يوم من شهر رمضان إلى خروج الإمام لصلاة العيد، والتكبير يكون بقول: الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد.
يُسنّ للمسلم أن يغتسل قبل ذهابه إلى المصلى لأداء صلاة العيد.
يُستحب للمسلم أن يتزين في اللباس يوم العيد.
يُسنّ أن يأكل قبل خروجه إلى المصلى لأداء صلاة عيد الفطر.
يُسنّ أن يذهب إلى صلاة العيد من طريق، وأن يعود منها من طريق آخر.
يُستحب أن يذهب إلى المصلى لأداء صلاة العيد ماشياً لا راكباً، فإن ذهب راكباً فلا حرج في ذلك.
يُستحب للمسلم أن يحضر خطبة العيد بعد الانتهاء من الصلاة.
حكم صلاة العيد
اختلف الفقهاء في حكم صلاة العيد على عدة أقوال:
القول الأول: صلاة العيد سنة عين مؤكدة، لكل من هو مخاطب بالصلاة ومأمور بها، وتُسن تأديتها في جماعة، ويُستنثى الحجاج، فتُسن لهم تأديتها فرادى، وإلى هذا القول ذهب فقهاء الشافعية.
القول الثاني: صلاة العيد سنة عين مؤكدة، لكل من تلزمه صلاة الجمعة، بشرط أن تكون جماعة مع الإمام، وتكون مندوبة لمن فاتته مع الإمام، ولمن لم تلزمه كالصبيان، ولأهل منى من غير الحجاج، وإلى هذا القول ذهب فقهاء المالكية.
القول الثالث: صلاة العيد واجبة، على من تجب عليه صلاة الجمعة بشروطها، وإلى هذا القول ذهب فقهاء الحنفية.
القول الرابع: صلاة العيد فرض كفاية على كل مسلم تلزمه صلاة الجمعة، وقد تكون صلاة العيد سنة، لمن فاته أداؤها مع الإمام، وإلى هذا القول ذهب فقهاء الحنابلة.