في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم
كان جمع القرآن في عهده النبوة قد تم بطريقتين:
جمع القرآن في صدور الصحابة حيث كان الكثير من الصحابة يحفظون القرآن.
كتابة القرآن في صحف متفرقة حيث كان الصحابة يكتبون القرآن بأمر الرسول الله صلى الله عليه وسلم على العسب وهي: جريد النخل، وعلى اللخاف وهي: الحجارة الرقيقة، وعلى الرقاع وهي: الأوراق وقطع الأديم وهي: الجلد وعظام الأكتاف، والأضلاع، ثم يوضع المكتوب في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهكذا انقضى عهد النبوة ولم يجمع القرآن في صحف ولا في مصاحف، بل كتب منثورًا بين الرقاع والعظام ونحوها.
إن استشهاد الكثير من الصحابة من حفاظ القرآن لكريم في معركة اليمامة هو الذي جعل عمر - رضي الله عنه - يشير على أبي بكر الصديق بجمع القرآن، فأمر الصديق - رضي الله عنه - زيد بن ثابت بجمع القرآن، فأخذ زيد يتتبع القرآن من العسب واللخاف وصدور الرجال فجمع القرآن كله في مصحف، فكانت هذه الصحف عند أبي بكر الصديق حتى توفاه الله ثم عند عمر حتى مات ثم عند حفصة بنت عمر.
إن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا يقرؤون القرآن بعده على الأحرف السبعة التي أقرأهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بإذن الله عز وجل إلى أن وقع الاختلاف بين القراء في زمن عثمان رضي الله عنه.
وذلك بعد اتساع رقعة الدولة الإسلامية ودخول الناس في دين الله أفواجًا وعظم الأمر فيه، وكتب الناس بذلك من الأمصار إلى عثمان، وناشدوه الله تعالى في جمع الكلمة، وتدارك الناس قبل تفاقم الأمر، وقدم حذيفة بن اليمان من غزوة أرمينية، فشافهه بذلك فجمع عثمان عند ذلك المهاجرين والأنصار، وشاورهم في جمع القرآن في المصاحف على حرف واحد؛ ليزول الخلاف، وتتفق الكلمة، واستصوبوا رأيه، وحضوه عليه، ورأوا أنه من أحوط الأمور للقرآن، فحينئذ أرسل عثمان إلى حفصة: أن أرسلي إلينا بالصحف ننسخها في المصاحف، فأرسلت إليه، فأمر زيد بن ثابت، والرهط القريشيين الثلاثة فنسخوها في المصاحف، وبعث بها إلى الأمصار، وأمر بحرق ما سوى ذلك من المصاحف.
وهكذا حفظ الله كتابه العزيز من التحريف