سيف الله ، خالد بن الوليد ، خالد قبل الإسلام ، إسلام خالد بن الوليد ،بطولات خالد
سيف الله
هو خالد بن الوليد بن المغيرة المخزوميّ القرشيّ، وُلد في مكة عام 592م، لقّبة الرّسول -صلّى الله عليه وسلّم- بسيف الله؛ لأنّه أخذ لواء المسلمين في معركة مؤتة عندما استشهد القادة الثلاث، وكان يومها رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- يقصُّ أحداث المعركة لأصحابه -رضي الله عنهم- في المدينة المنورة، فقال لهم: (أخذَ اللِّواءَ خالدُ بنُ الوليدِ، ولم يَكُن مِنَ الأمراءِ هوَ أمَّرَ نفسَهُ، ثمَّ رفعَ رسولُ اللَّهِ -صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ- أصبُعَيْهِ فقالَ: اللَّهمَّ هو سيفٌ من سيوفِكَ، فانصُرهُ فمِن يومِئذٍ سُمِّيَ خالدُ سيفَ اللَّهِ، ثمَّ قالَ: انفِروا فأمد إخوانَكُم، ولا يتَخلَّفَنَّ أحَدٌ فنفرَ النَّاسُ في حرٍّ شديدٍ مشاةً ورُكْبانًا).
نسب خالد بن الوليد
إنّ والد خالد هو الوليد بن المغيرة ويعدّ من زعماء قريش وكبرائها، وأمّه هي لبابة بنت الحارث بن حزن الهلاليّة، وإخوته من الذكور هم: الوليد، وعمارة، وأبو قيس، وعبد شمس، وهشام، والعاص، ومن الإناث: فاطمة، وفاضنة، كما أنّ نسب خالد بن الوليد يلتقي مع الرّسول -صلّى الله عليه وسلّم- في الجد السابع وهو مُرة بن كعب بن لؤي، ومن الجدير بالذكر أنّ قبيلة خالد بن الوليد كانت من أشرف قبائل قريش، حيث كان بنو مخزوم في الجاهليّة أصحاب القبة والأعنة، كما كان عمّه هشام بن المغيرة من أبرز قادة قريش فهو الذي قاد بني مخزوم في حرب الفجار، وعمّه أبو أُميّة بن المغيرة كان صاحب تحكيم أول من يدخل المسجد الحرام حين اختلفت القبائل على وضع الحجر الأسود في مكانه وكادت أن تتقتل فيما بينها، وكان بيت الأرقم بن أبي الأرقم المخزوميّ أول مسجد ومركز دعوة للإسلام، وكان أبو سلمة بن عبد الأسد المخزوميّ من أول المهاجرين إلى الحبشة.
إسلام خالد بن الوليد
كان شهر صَفَر من العام الثامن للهجرة وقت إسلام خالد بن الوليد رضي الله عنه، وقصة إسلامه بدأت في عمرة القضاء عندما سأل رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- الوليد بن الوليد بن المغيرة -رضي الله عنه- قائلاً: (أين خالد؟) فأجابة الوليد قائلاً: (يأتي به الله)، ثمّ ما لبث الوليد حتى انطلق ليبحث عن خالد في مكّة، فلم يجده وترك له رسالة كتب فيها: (بسم الله الرحمن الرحيم، أمّا بعد؛ فإنّي لم أَرَ أعجب من ذهاب رأيك عن الإسلام وَعقله عقلك، ومثل الإسلام يجهله أحد؟ وقد سألني عنك رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقال: أين خالد؟، ثمّ قال له: فاستدرك يا أخي ما فاتك فيه؛ فقد فاتتك مواطن صالحة)، فكانت تلك الكلمات البسيطة النابعة من صدق المحبة وإخلاص القصد لله -تعالى- كالشعلة التي استنار بها خالد بن الوليد في ظلمات الشرك ليرى نور الإسلام يلوح في الافق، فأسلم خالد ولحق بالمسلمين في المدينة.
بطولات خالد بن الوليد
نشأ خالد بن الوليد -رضي الله عنه- منذ نعومة أظافره فارساً جلداً، وكان يتميز عن أقرانه بالقوّة، والشجاعة، والمهارة، والذّكاء حتى إنّه كان يقاتل بسيفين ويقود الخيل بأقدامه فقط، ممّا جعله فارس عصره بلا مُنازع، وقد خاض عدّة معارك قبل الإسلام وبعده، وفيما يأتي بيان بعضها:
بطولات خالد في قريش: قبل دخول خالد الإسلام حارب ضدّ المسلمين في عدد من المعارك؛ منها:
معركة أُحد: حيث كان في تلك المعركة قائد فرسانهم، وصاحب خطة الدوران من خلف الجبل، ممّا أدّى إلى كسر انتصار المسلمين وتغيير مسار المعركة.
معركة الخندق: حاول خالد بقيادة مجموعة من فرسان قريش اقتحام الخندق ولكنّه لم يتمكّن من ذلك.
بطولات خالد في صفوف المسلمين: كان لخالد عدّة بطولات بعد إسلامه، منها:
معركة مؤتة: حيث كانت أول معركة خاضها خالد -رضي الله عنه- بعد إسلامه، حيث إنّه أبلى فيها بلاءً حسناً بعد استشهاد قادة المسلمين الثلاثة واختياره من قِبَل المسلمين ليقودهم في المعركة كما ذكرنا، واستطاع أن ينقذ جيش المسلمين بخطّة عبقريّة من جيوش الروم والغساسنة التي كانت تفوق أعداد المسلمين بعشرات المرّات، وممّا يدل على صعوبة المعركة قول خالد رضي الله عنه: (قد انقطع في يدي يوم مؤتة تسعة أسياف، فما بقي في يدي إلَّا صفيحة يمانية؛ وهي نوع من السيوف تكون عريضة النصل).
قتال المرتدين: كان لخالد دور كبير في التصدّي لفتنة الردّة، فقد أمّرهُ أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- على جيوش المسلمين التي قاتلت أتباع مسيلمة الكذّاب الذين كانوا يُعتبرون من أشدّ العرب وأكثرهم عددأً وعدّةً، ثمّ انتصر عليهم.
معركة اليرموك: بعد أن أصبح وضع المسلمين في فتوح الشام صعباً، استعان خليفة المسلمين أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- بخالد، وقال قولته المشهورة: (والله لأنسين الروم وساوس الشيطان بخالد بن الوليد)، فهبّ خالد -رضي الله عنه- يسابق الريح هو ومن كان معه في جيش المسلمين في العراق، وما أن وصل الى أرض المعركة حتى أعاد تنظيم صفوف الجيش وتوزيعه الى كتائب وأمّر على كلّ كتيبة قائداً مقداماً، فجعل أبا عبيدة في القلب ومعه مجموعة من الكتائب، وجعل عمرو بن العاص في قيادة الميمنة، ويزيد بن أبي سفيان في الميسرة، وِفْق خطّة عبقريّة بهدف تكثير جيش المسلمين في عين العدو وإضفاء الهيبة عليه، فكان لخالد ما أراد وكان النصر حليف المسلمين.
فتح الأنبار: كان لخالد دور بارز في فتوح بلاد فارس حيث إنّه انتصر في سلسلة من المعارك في طريقه إلى الأنبار، وما أن وصل الى الأنبار حتى وجد أهلها قد تحصّنوا فيها وجعلوا حول الحصن خندقاً عظيماً، ولكن هذا لم يُثنِ خالد وجيش المسلمين، فقام كعادته بوضع خطّة مُحكمة حيث أمّر الرماة برمي الأسهم على عيون حراس الحصن حتى أصابوا منهم ألف عين، ثمّ أمر بضعاف الإبل فذُبحت واستخدمها في ردم جهة من جهات الخندق، ثمّ عبروا الخندق تحت غطاء من أسهم الرّماة، فلمّا رأى قائد الفرس إصرار المسلمين طلب الصلح، وأصبحت الأنبار في قبضة المسلمين.