اسالة متشابهة

    اسالة مرتبطة

    تعريف الظاهرة الاجتماعية في علم الاجتماع؟

    0
    20 Sep 2024
    20 Sep 2024
    0
    0

    اختلف علماء الاجتماع في تعريف الظاهرة الاجتماعية تبعاً لاختلاف نظرتهم إلى المجتمع والظواهر التي تحدث فيه، بالإضافة إلى اختلاف المدارس الاجتماعية التي ينتمي إليها كل منهم، واختلاف اتجاهاتهم الفكرية والأيديولوجية



    0

    تعريف الظاهرة الاجتماعية


    تُعرف الظاهرة الاجتماعية بأنها ما يمارسه الناسُ في مجتمع ما كسلوك جمعي، أو هي ما يُصابُ به مجموعة من البشر، فيعانون من نتائجه ومن تبعاته، وتكاد تكون الظاهرة الاجتماعية مشكلة إذا ما كانت ذات بعد سلبي أو ذات نتائج سلبية، تلقي بظلالها على المجتمع بشكل عام، وعلى الفرد بشكل خاص، إذ إن كثيراً من الظواهر الاجتماعية تغدو مشاكل وعيوب ونقاط خلل يواجهه الفرد في المجتمع، أو حتى يواجهها المجتمع ككل، وتكون الظاهرة الاجتماعية مشكلةً اجتماعية في حال وجود خلل أو عدم اتزان في بعض اتجاهات المجتمع، أو سلوكياته الاجتماعية، وبالتالي فإنه يتوجب علينا أن ندرك تمامَ الإدراك، هذه التشابكات والتعقيدات التي تتم بين الأفعال، والتي تُشكل في عمومها ظاهرة اجتماعية، لأن هذه الأفعال إذا ما انتشرت على هيئة وشكل فعل سلبي منتشر، فإنها تُكوّن ظاهرة اجتماعية.




    خصائص الظاهرة الاجتماعية


    تتميز الظاهرة الاجتماعية بموجوعة من الخصائص التي تختص بها، نوردها على النحو الآتي:

    • أنها جماعية، وتعتبر هذه الخصيصة من أهم خصائص الظاهرة الاجتماعية، وقد سبق الإشارة إلى أنّها سلوك جماعي، يمارسه الناس في مجتمع ما من المجتمعات، وباعتبارها سلوك، فإنها تختص بسلوك الجماعة لا الفرد نفسه، وبالتالي فإن الظاهرة الاجتماعية تبرز بشكل متسق ومنسجم في سلوكيات الجماعة، ذات بعد منهجي يتعلق بعلم الاجتماع بالدرجة الأولى.
    • ذات سلطة قهرية وجبرية يمارسها السلوك الجماعي، وهذه السلطة تنتقل على هيئة تقاليد وسلوكيات اجتماعية تصيب المجتمع، وهذا ما يُعرف بـ "الالتزام".
    • تأخذ شكلاً إنسانياً، بمعنى أنها ظاهرة إنسانية، تصيب المجتمع الانساني، دون غيره من المجتمعات الحية، ويفترق منهج الظاهرة الاجتماعية الذي يطال البحث الاجتماعي الإنساني عن غيره من البحوث و المناهج البحثية الأخرى.
    • التلقائية، حيث تعتبر الظاهرة الاجتماعية حالة تلقائية عفوية، وطبيعية في معظم الأحيان، من خلال الحياة الاجتماعية، ووجود نمط التفاعل الاجتماعي بين أفراد المجتمع الواحد.
    • ترابط عناصرها ترابطاً عضوياً، بمعنى أنها عناصر مترابطة لا تكاد تفترق عن بعضها البعض، كما وتتصف بأنها مرتبطة ببعضها البعض ترابطاً عمومياً، لأنها تنسلّ من بين المظاهر الجمعية، ومن المعتقدات الجماعية، ومن بين الممارسات التي تمارسها الجماعة ككل، ويمكن الاستدلال عليها من خلال السلطة القهرية والجبرية التي تماسها وتفرضها على الجماعة، هذه السلطة التي تتمثل وتتجسد في شكل أنماط سلوكية.



    تعريف أميل دوركايم للظاهرة الاجتماعية


    يُعتبر أميل دوركايم عالماً وباحثاً في علم الاجتماع وهو يهودي الأصل، وكان مما دفعه إلى دراسة تضامن الجماعة هو أصله حيث إنّه ينتمي إلى أقليّة دينية، ويُعدّ دوركايم الأب الروحي للمدرسة الوظيفية التابعة لعلم الاجتماع، وقد ساهمت أفكاره وأبحاثه في حدوث تحول مهم في نظريات علم الاجتماع بتجنبه للعديد من المشكلات التي ظهرت على يد علماء الاجتماع التطوريين وخاصة في القرن التاسع عاشر، وإن من أكثر تعاريف الظاهرة الاجتماعية شهرة وشيوعاً هو تعريف أميل دوركايم، فقد عرفها بأنّها أنواع السلوك المختلفة سواء كانت ثابتة أم متغيرة والتي من شأنها أن تسبب القهر الخارجي للأفراد، أو هي كل سلوك يتشكل بين أفراد المجتمع بأكمله وتكون خصائص هذا السلوك مختلفة في حال تشكله بحالة فردية عنه في الحالة الجماعية.


    ويمكن اختصار تعريف أميل للظاهرة الاجتماعية بأنّها أنواع السلوك المختلفة وأنماط التفكير التي تتميز بأنّها خارجة عن إرادة المرء كما أنّها تتمتع بالقوة، وقد وضع أميل خصائص للظاهرة الاجتماعية من وجهة نظره، حيث وصفها بأنّها موضوعية وليست من صنع الفرد بل إنّه يتلقاها من المجتمع الذي نشأ به، كما أنّها إنسانية تنشأ مع نشأة المجتمع وظهوره وهو ما يميزها عن العلوم الأخرى كالرياضيات مثلاً، أمّا قوة الظاهرة الاجتماعية وإلزاميتها كما عرفها أميل فتتجلى في أنّها تفرض ذاتها على الفرد في المجتمع دون أن يشعر بذلك، كما تتجلى عاميتها بأنّها لا تقتصر على أفراد معينين دون غيرهم، وهي تلقائية من صنع المجتمع.


    وقد خلص أميل دوركايم بعد دراساته للظواهر الاجتماعية والاستفادة من خبرات علماء الاجتماع الذين درسوها من قبله إلى أنّ الظاهرة الاجتماعية لا يمكن تفسيرها إلّا من خلال ظاهرة أخرى تعززها، ولا يجوز أن يتم تفسير أي ظاهرة اجتماعية من خلال ظاهرة أخرى أقل منزلة منها، مثل الظواهر الحيوية أو الفلسفية، حيث إنّ تفسير أي ظاهرة بالاعتماد على ظواهر أقل منها يقلل من إلزاميتها وقهرها حيث يجب اللجوء إلى تفسير الظواهر الاجتماعية المختلفة في قلب المجتمع، ومن الجدير بالذكر أنّ أميل توصل إلى وجود نوعين أساسيين من الظواهر الاجتماعية، وهي الظواهر السليمة والتي تنتشر في المجتمع بأكمله بالشكل الذي يجب أن تكون عليه كما ترتبط بالشروط الاجتماعية الحقيقية، أمّا النوع الثاني فهو الظاهرة الاجتماعية المعتلة والتي يكون انتشارها واستمرارها بالمجتمع بحكم العادة العمياء كما أنّها لا توجد بالصورة الصحيحة التي يجب أن تكون عليها.




    خصائص الظاهرة الاجتماعية


    تتميز الظواهر الاجتماعية عن غيرها من ظواهر العلوم الأخرى بمجموعة من الخصائص، ومنها الآتي:


    • تمتاز الظواهر الاجتماعية بأنها مترابطة مع بعضها البعض، كما أنّها متداخلة فلا يمكن دراسة كل ظاهرة بشكل منفصل عن الظاهرة الأخرى.
    • تتصف الظاهرة الاجتماعية بأنّها تاريخية، أي أنّها وُجدت قبل الوجود الفردي.
    • تمثل الظواهر الاجتماعية جانباً مهماً من جوانب حياة الأفرد، ويقصد بذلك أنّه إذا كان الإنسان بطبيعته الحيوية يأكل ويشرب، فإن طبيعته الاجتماعية تحتم عليه أن يعيش في المجتمع ويتعامل مع أفراده ويخضع لجميع متغيراته السياسية والاقتصادية وما إلى ذلك.
    • توجد الظاهرة الاجتماعية خارج شعور الفرد، أي أنّ دراستها لا تكون على أساس شعور الفرد وإنما تكون دراسة موضوعية.
    • تنشأ الظاهرة الاجتماعية من الفعل ورد الفعل بين الضمير والعقل، حيث إنّها لا تنشأ من فعل الأفراد وإنّما من وحي العقل وصنع المجتمع بأكمله.
    • يشارك معظم أفراد المجتمع في الظاهرة الاجتماعية، فهي عمومية.
    • تُعدّ الظاهرة الاجتماعية نسبية وتتغير بين الزمان والمكان، ومن الأمثلة على ذلك الزواج، فهو يختلف على مر العصور كما تختلف عاداته من مكان إلى آخر.
    • تعدّ الظاهرة الاجتماعية ظاهرة مكتسبة، حيث ينشأ الأفراد عليها داخل الأسرة والمجتمع، ومن ثم يتبادلون وجهات نظرهم وآراءهم ثم تنصهر رغباتهم وإراداتهم.
    • تعدّ الظاهرة الاجتماعية ظاهرة معقدة، ولا يمكن دراستها وتحليلها بناء على العوامل الجغرافية، أو السياسية، أو الاقتصادية أو النفسية، وخير مثال على ذلك ظاهرة الجريمة، حيث لا يمكن دراستها وتحليلها باستخدام عامل واحد، فهي تنتج عن عدّة عوامل نفسية، ودينية، واقتصادية وغيرها من العوامل الأخرى.
    • تنتج الظاهرة الاجتماعية بسبب تأثير شخص أو جماعة على شخص آخر.
    • الظاهرة الاجتماعية لها صفة الجاذبية والتي تشتمل على نوعين، إما أن تكون شعورية تتكرر من فترة لأخرى مثل المناسبات المختلفة كالأعياد، وإما أن تكون لا شعورية يعتاد المرء عليها وتصبح سهلة ومحببة إلى نفسه.




    الفرق بين الظاهرة والمشكلة الاجتماعية


    يظن بعض الأشخاص أنّ الظاهرة الاجتماعية (بالإنجليزية: Social Phenomena)، والمشكلة الاجتماعية (بالإنجليزية: Social Problem)، والقضية الاجتماعية (بالإنجليزية: Social Issue) تدل جميعها على معنى واحد، كما يظن بعض الأشخاص أنّ الظاهرة تبدأ في المجتمع وتنتشر وما تلبث إلّا أن تصبح مشاهدة لها عناصرها الإيجابية وعناصرها السلبية، فإذا كانت السلبيات أكثر من الإيجابيات ولكنّها غير ملموسة فإنّها تصبح قضية اجتماعية، وإذا كانت السلبيات أكثر من الإيجابيات وملموسة بشكل واضح فإنّ الظاهرة الاجتماعية تصبح مشكلة اجتماعية، ويمكن تعريف المشكلة الاجتماعية بأنّها ظرف يهدد القيم الاجتماعية، أو هي حالة من عدم الاستقرار في العلاقات الاجتماعية والتي من شأنها تهديد قيم المجتمع ومؤسساته، مما يدفع الأفراد إلى علاج هذا التهديد كما يمكن التفريق بين الظاهرة الاجتماعية والمشكلة الاجتماعية بأنّ الظاهرة الاجتماعية لا يكون لها حكم مجتمعي سابق كالزواج، والطلاق والهجرة، أمّا المشكلة الاجتماعية فيكون لها حكم سابق من المجتمع حيث تكون غير مرغوبة، كما أنّ لها عقاباً في حال حدوثها مثل جرائم المخدرات، والتحرش الجنسي، والعنف ضد الزوجات، ومن الجدير بالذكر أنّ الظاهرة الاجتماعية تتحول إلى مشكلة اجتماعية في حال كانت المشكلة حاصلة فعلاً بين الأفراد وليست من محض الخيال، بالإضافة إلى أنّه يجب أن يدرك الناس وجود هذه المشكلة، ويُطلَق على الظاهرة الاجتماعية أنّها مشكلة اجتماعية في حال تحقيقها لعدد من الشروط، وهذه الشروط هي:


    • أن تكون الظاهرة سلبية ومرفوضة من قِبَل أفراد المجتمع.
    • أن تؤثر الظاهرة السلبية في عدد كبير من الأفراد في المجتمع.
    • أن تعبّر الظاهرة السلبية عن تصرف جماعي وليس فردي.
    • أن يشعر أفراد المجتمع بضرورة التخلص من هذه الظاهرة السلبية بأي طريقة كانت.



    20 Sep 2024