اختلف علماء الاجتماع في تعريف الظاهرة الاجتماعية تبعاً لاختلاف نظرتهم إلى المجتمع والظواهر التي تحدث فيه، بالإضافة إلى اختلاف المدارس الاجتماعية التي ينتمي إليها كل منهم، واختلاف اتجاهاتهم الفكرية والأيديولوجية
تُعرف الظاهرة الاجتماعية بأنها ما يمارسه الناسُ في مجتمع ما كسلوك جمعي، أو هي ما يُصابُ به مجموعة من البشر، فيعانون من نتائجه ومن تبعاته، وتكاد تكون الظاهرة الاجتماعية مشكلة إذا ما كانت ذات بعد سلبي أو ذات نتائج سلبية، تلقي بظلالها على المجتمع بشكل عام، وعلى الفرد بشكل خاص، إذ إن كثيراً من الظواهر الاجتماعية تغدو مشاكل وعيوب ونقاط خلل يواجهه الفرد في المجتمع، أو حتى يواجهها المجتمع ككل، وتكون الظاهرة الاجتماعية مشكلةً اجتماعية في حال وجود خلل أو عدم اتزان في بعض اتجاهات المجتمع، أو سلوكياته الاجتماعية، وبالتالي فإنه يتوجب علينا أن ندرك تمامَ الإدراك، هذه التشابكات والتعقيدات التي تتم بين الأفعال، والتي تُشكل في عمومها ظاهرة اجتماعية، لأن هذه الأفعال إذا ما انتشرت على هيئة وشكل فعل سلبي منتشر، فإنها تُكوّن ظاهرة اجتماعية.
تتميز الظاهرة الاجتماعية بموجوعة من الخصائص التي تختص بها، نوردها على النحو الآتي:
يُعتبر أميل دوركايم عالماً وباحثاً في علم الاجتماع وهو يهودي الأصل، وكان مما دفعه إلى دراسة تضامن الجماعة هو أصله حيث إنّه ينتمي إلى أقليّة دينية، ويُعدّ دوركايم الأب الروحي للمدرسة الوظيفية التابعة لعلم الاجتماع، وقد ساهمت أفكاره وأبحاثه في حدوث تحول مهم في نظريات علم الاجتماع بتجنبه للعديد من المشكلات التي ظهرت على يد علماء الاجتماع التطوريين وخاصة في القرن التاسع عاشر، وإن من أكثر تعاريف الظاهرة الاجتماعية شهرة وشيوعاً هو تعريف أميل دوركايم، فقد عرفها بأنّها أنواع السلوك المختلفة سواء كانت ثابتة أم متغيرة والتي من شأنها أن تسبب القهر الخارجي للأفراد، أو هي كل سلوك يتشكل بين أفراد المجتمع بأكمله وتكون خصائص هذا السلوك مختلفة في حال تشكله بحالة فردية عنه في الحالة الجماعية.
ويمكن اختصار تعريف أميل للظاهرة الاجتماعية بأنّها أنواع السلوك المختلفة وأنماط التفكير التي تتميز بأنّها خارجة عن إرادة المرء كما أنّها تتمتع بالقوة، وقد وضع أميل خصائص للظاهرة الاجتماعية من وجهة نظره، حيث وصفها بأنّها موضوعية وليست من صنع الفرد بل إنّه يتلقاها من المجتمع الذي نشأ به، كما أنّها إنسانية تنشأ مع نشأة المجتمع وظهوره وهو ما يميزها عن العلوم الأخرى كالرياضيات مثلاً، أمّا قوة الظاهرة الاجتماعية وإلزاميتها كما عرفها أميل فتتجلى في أنّها تفرض ذاتها على الفرد في المجتمع دون أن يشعر بذلك، كما تتجلى عاميتها بأنّها لا تقتصر على أفراد معينين دون غيرهم، وهي تلقائية من صنع المجتمع.
وقد خلص أميل دوركايم بعد دراساته للظواهر الاجتماعية والاستفادة من خبرات علماء الاجتماع الذين درسوها من قبله إلى أنّ الظاهرة الاجتماعية لا يمكن تفسيرها إلّا من خلال ظاهرة أخرى تعززها، ولا يجوز أن يتم تفسير أي ظاهرة اجتماعية من خلال ظاهرة أخرى أقل منزلة منها، مثل الظواهر الحيوية أو الفلسفية، حيث إنّ تفسير أي ظاهرة بالاعتماد على ظواهر أقل منها يقلل من إلزاميتها وقهرها حيث يجب اللجوء إلى تفسير الظواهر الاجتماعية المختلفة في قلب المجتمع، ومن الجدير بالذكر أنّ أميل توصل إلى وجود نوعين أساسيين من الظواهر الاجتماعية، وهي الظواهر السليمة والتي تنتشر في المجتمع بأكمله بالشكل الذي يجب أن تكون عليه كما ترتبط بالشروط الاجتماعية الحقيقية، أمّا النوع الثاني فهو الظاهرة الاجتماعية المعتلة والتي يكون انتشارها واستمرارها بالمجتمع بحكم العادة العمياء كما أنّها لا توجد بالصورة الصحيحة التي يجب أن تكون عليها.
تتميز الظواهر الاجتماعية عن غيرها من ظواهر العلوم الأخرى بمجموعة من الخصائص، ومنها الآتي:
يظن بعض الأشخاص أنّ الظاهرة الاجتماعية (بالإنجليزية: Social Phenomena)، والمشكلة الاجتماعية (بالإنجليزية: Social Problem)، والقضية الاجتماعية (بالإنجليزية: Social Issue) تدل جميعها على معنى واحد، كما يظن بعض الأشخاص أنّ الظاهرة تبدأ في المجتمع وتنتشر وما تلبث إلّا أن تصبح مشاهدة لها عناصرها الإيجابية وعناصرها السلبية، فإذا كانت السلبيات أكثر من الإيجابيات ولكنّها غير ملموسة فإنّها تصبح قضية اجتماعية، وإذا كانت السلبيات أكثر من الإيجابيات وملموسة بشكل واضح فإنّ الظاهرة الاجتماعية تصبح مشكلة اجتماعية، ويمكن تعريف المشكلة الاجتماعية بأنّها ظرف يهدد القيم الاجتماعية، أو هي حالة من عدم الاستقرار في العلاقات الاجتماعية والتي من شأنها تهديد قيم المجتمع ومؤسساته، مما يدفع الأفراد إلى علاج هذا التهديد كما يمكن التفريق بين الظاهرة الاجتماعية والمشكلة الاجتماعية بأنّ الظاهرة الاجتماعية لا يكون لها حكم مجتمعي سابق كالزواج، والطلاق والهجرة، أمّا المشكلة الاجتماعية فيكون لها حكم سابق من المجتمع حيث تكون غير مرغوبة، كما أنّ لها عقاباً في حال حدوثها مثل جرائم المخدرات، والتحرش الجنسي، والعنف ضد الزوجات، ومن الجدير بالذكر أنّ الظاهرة الاجتماعية تتحول إلى مشكلة اجتماعية في حال كانت المشكلة حاصلة فعلاً بين الأفراد وليست من محض الخيال، بالإضافة إلى أنّه يجب أن يدرك الناس وجود هذه المشكلة، ويُطلَق على الظاهرة الاجتماعية أنّها مشكلة اجتماعية في حال تحقيقها لعدد من الشروط، وهذه الشروط هي: