العقيقة ، ماهى أحكام توزيع العقيقة ، معنى العقيقة ، مشروعية العقيقة ، شروط العقيقة
العقيقة
تعتبر العقيقة من شعائر الله التي شرعها لعباده المسلمين ليظهر فيها شكر نعمة المولود، أما تشريع الأضحية فقد جاء مقترناً بالعديد من الأمور والأحكام؛ إذ إنّ أحكام العقيقة تختلف من حالٍ إلى أخرى، فالعقيقة عن المولود الذكر تختلف عن العقيقة للمولود الأنثى من حيث العدد مثلاً، كما أن العقيقة تقسم إلى عدة أقسامٍ بعد ذبحها، فما حكم تقسيم العقيقة. وكيف يتم تقسيمها؟ وهل ينبغي على المسلم تقسيم العقيقة ويُلزم بذلك شرعاً؟ أم يجوز له أن يأخذ جميع عقيقته ويحتفظ بها؟
معنى العقيقة
العقيقة في اللغة اسم وجمعها عقائق، وتُطلَق على شَعْرُ كلِّ مولود من الناسِ أوالبهائم ينبُتُ عليه وهو في بطن أَمِّهِ، وتُطلَق على الذبيحةُ التي تُذْبح عن المولود في اليوم السابع من ولادته عند حَلْقِ شعْره.
أما العقيقة في الاصطلاح فتُعرّف بأنها: الذبيحة التي تُذبَح عن المولود في اليوم السابع من ولادته شكراً لله سبحانه وتعالى على نعمة الولد ذكراً كان أو أنثى.
حكم توزيع العقيقة
اختلف العلماء في كيفية تقسيم وتوزيع العقيقة على عدة آراء، وبيان تلك الآراء على النحو الآتي:
تقسيم العقيقة إلى ثلاثة أثلاث؛ حيث ذهب جمهور أهل العلم من الحنفية وهو رأيٌ عند الشافعية وقولٌ عند الحنابلة إلى أنّ العقيقة كالأضحية من حيث التقسيم، فتُقسم إلى ثلاثة أثلاث، فيُوزّع ثلثٌ على سبيل الإهداء للأقارب، والثلث الآخر على سبيل الصدقة ويُعطى للفقراء والمساكين من أهل الحي، أما الثلث الأخير فيبقى لأهل بيت صاحب العقيقة، قال ابن قدامة: (وسبيلها في الأكل والهدية والصدقة سبيلها ـ يعني سبيل العقيقة كسبيل الأضحية).
لصاحب العقيقة حرية التصرف في لحمها؛ فذهب ابن سيرين إلى القول بأنّ صاحب العقيقة له الحريّة في التصرف بعقيقته من حيث التقسيم؛ حيث ثبت عنه أنّه قال: (اصنع بلحمها كيف شئت)، وقد روى الشوكاني أنّ الشافعية لهم في المسألة قولان أحدهما على هذا النحو، وقد استدلَّ أصحاب هذا الرأي بأنه لم يرد في السنّة طريقة تقسيمٍ معينة، وأنّ المراد بالعقيقة مجرد إراقة الدم دون تحديد كيفية تقسيمها؛ وذلك شكراً لله على نعمة المولود، وإبعاداً لكيد الشيطان عنه، أما لحم العقيقة عند أصحاب هذا القول فيجوز له أن يصنع فيه ما يشاء، فإن شاء أكلها جميعها وأهل بيته، وإن شاء تصدّق بها جميعها، وإن شاء تصدق بشيءٍ منها وترك شيئاً منها لأهل بيته، وقد رُويَ مثل هذا القول عن الإمام أحمد.
تقسيم العقيقة إلى نصفين، فينبغي على من يريد العقيقة أن يدّخر النصف لأهل بيته ويتصدق بالنصف الآخر، وهو أحد أقوال الشافعية، فيأكل صاحب العقيقة وأهل بيته نصف العقيقة ويوزّعون النصف الآخر لمن يشاؤون من الفقراء أو الأقارب.
الجمع بين التوزيع والأكل والصدقة، فقد ذهب المالكية والظاهرية إلى القول بأن صاحب العقيقة ينبغي له أن يجمع بين التوزيع من عقيقته والأكل منها والتصدق منها، فلا ينبغي له توزيعها كاملةً على أقاربه على قولهم، ولا التصدق بها جميعها، ولا ينبغي له كذلك ادّخارها جميعها، ولكنهم لم يحددوا كمية معينة لتلك الأقسام، فيجوز أن يوزع منها شيئاً يسيراً ويتصدق بشيءٍ يسير منها ويدّخر الباقي لأهل بيته، كما يجوز عكس ذلك، فيوزّع معظمها ويدّخر القليل ويتصدق بالقليل وهكذا.
حكم العقيقة ومشروعيتها
اختلف الفقهاء في حكم العقيقة على خمسة أقوال:
العقيقة سنة مؤكدة، وإلى هذا القول ذهب جمهور العلماء من الصحابة رضوان الله عليهم والتابعين، وهو قول فقهاء الشافعية وفقهاء المالكية والمعتمد والمشهور عند فقهاء الحنابلة، وبه قال شيخ الإسلام ابن تيمية وغيرهم، واستدلّ أصحاب هذا القول بما رواه سلمان بن عامر الضبي أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (معَ الغُلامِ عقيقةٌ فأَهريقوا عنهُ دَمًا وأميطوا عنهُ الأذَى)
العقيقة فرض واجب، وإلى هذا القول ذهب فقهاء الظاهرية، ونُقل هذا القول أيضاً عن بريدة بن الحصيب الأسلمي من الصحابة وعن أبي الزناد، وهو قول الحسن البصري، واستدلّ أصحاب هذا القول بظاهر قول النبي صلى الله عليه وسلم الذي استدلّ به أصحاب الفريق الأول: (معَ الغُلامِ عقيقةٌ فأَهريقوا عنهُ دَمًا وأميطوا عنهُ الأذَى)
العقيقة منسوخة بالأضحية ويكره فعلها، وهذا القول أحد ثلاثة أقوال عند فقهاء الحنفية، وهو المعتمد في المذهب عندهم، واستدل أصحاب هذا القول بأنّ الأضحية نسخت جميع الدماء التي كانت في الجاهلية ومن بينها العقيقة، أما القول الثاني للحنفية فهو أنّ العقيقة تطوُّع من شاء فعلها ومن شاء تركها، وبه قال الطحاوي في مختصره وابن عابدين، ونقله الشيخ نظام عن الإمام أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد، وهذا موافق لقول الجمهور وأدلتهم هي نفسها، أما القول الثالث فهو أنّ العقيقة مباحة، وبه قال المنبجي ونقله ابن عابدين عن جامع المحبوبي، واستدلّ أصحاب هذا القول بما رواه عبد الله بن عمرو عن رسول الله؛ حيثُ قال: (سُئلَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ عنِ العقيقةِ، فقالَ: لا يحبُّ اللَّهُ العقوق كأنَّهُ كرِهَ الاسمَ وقالَ من وُلِدَ لهُ ولدٌ فأحبَّ أن يَنسُكَ عنهُ فلينسُكْ عنِ الغلامِ شاتانِ مكافِئتانِ وعنِ الجاريةِ شاةٌ، وسئلَ عنِ الفرَعِ قالَ: والفرَعُ حقٌّ وأن تترُكوهُ حتَّى يكونَ بَكرًا شُغزُبًّا ابنَ مخاضٍ أو ابنَ لبونٍ فتعطيَهُ أرملةً أو تحملَ عليهِ في سبيلِ اللَّهِ خيرٌ من أن تذبحَهُ فيلزَقَ لحمُهُ بوبرِهِ وتكفأَ إناءَكَ وتولِهَ ناقتَك )
العقيقة واجبة في الأيام السبعة الأولى من ولادة المولود، فإن فاتت هذه السبع فلا تجب، وهذا قول الليث بن سعد، واستدل على ذلك بما روته أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: (عقَّ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن حسَنٍ وحُسينٍ يومَ السَّابعِ وسمَّاهما وأمَر أنْ يُماطَ عن رأسِه الأذى )
العقيقة تكون عن المولود الذكر فقط دون الأنثى، وبهذا قال الحسن البصري على سبيل الوجوب كما نقله عنه ابن عبد البر وهو قول قتادة وغيرهم، واستدل أصحاب هذا القول بما رواه سلمان بن عامر الضبي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (معَ الغُلامِ عقيقةٌ فأَهريقوا عنهُ دَمًا وأميطوا عنهُ الأذَى) على أنّ المقصود بالحديث هو الذكر دون الأنثى.
شروط العقيقة
للعقيقة شروط عديدة، منها:
أن تكون من الأنعام التي هي الضأن والماعز والبقر والإبل، ولا تجوز العقيقة من غير تلك الدواب كالطيور والدجاج والأرانب والعصافير.
أن تكون سالمة من العيوب التي تؤثّر عليها من حيث اللحم، أو أن تكون مصابة بمرض يؤثّر في سلامتها، ويُقصد بالعيوب بأنّها هي التي لا تُقبل الأضحية بوجودها.
أن تتوافر في العقيقة الأعمار المطلوبة لجواز الأضحية، فلا تجوز العقيقة بالغنم إلّا إذا كانت قد أتمّت سنةً من عمرها، ولا تجوز في البقر إلا إن أتمّت السنتين من عمرها، ولا تجوز في الإبل إلا أن تتمّ خمس سنين من عمرها.