يوم عاشوراء ، أجر صيامي وم عاشوراء ، صفات اليهود ، حكم ومواعظ صيام يوم عاشوراء
صيام عاشوراء
إنّ من نعم الله -تعالى- على عباده أن جعل لهم مواسماً للطاعات، والعبادات، والخيرات؛ لزيادة أجور المؤمنين وحسناتهم، والتكفير عن السيئات والخطايا والذنوب، ولكي ترتفع درجات العباد في الحياة الآخرة، ومن تلك المواسم؛ ما يكون في شهر محّرم؛ وهو الشهر الأول من السنة الهجرية، وبذلك فإنّ العبد المسلم يستقبل العام الهجري الجديد بالطاعات التي تقرّبه من الله تعالى، واتباع أوامره، والتوبة والإنابة إلى الله عزّ وجلّ، ودليل ذلك قول الله تعالى: (وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)، كما أنّ شهر محرّمٍ أحد الأشهر الحرم من العام الهجري، حيث قال الله تعالى في هذه الأشهر: (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهورِ عِندَ اللَّهِ اثنا عَشَرَ شَهرًا في كِتابِ اللَّهِ يَومَ خَلَقَ السَّماواتِ وَالأَرضَ مِنها أَربَعَةٌ حُرُمٌ ذلِكَ الدّينُ القَيِّمُ فَلا تَظلِموا فيهِنَّ أَنفُسَكُم)، فإنّ الظلم محرّمٌ في كلّ الشهور، إلّا أنّ ذلك مخصّصٌ في الأشهر الحرم، وهي: شهر محرّم، ورجب، وذو القعدة، وذو الحجة، فالمحرمات والذنوب معظّمةٌ فيهنّ، وفي المقابل فإنّ الأجور والحسنات مضاعفةٌ، ومن العبادات المستحبة في شهر محرّم: صيام يوم عاشوراء.
أجر صيام عاشوراء
يوم عاشوراء هو اليوم العاشر من شهر محرّمٍ من العام الهجري، وسمّي بذلك؛ لأنّه اليوم العاشر من الشهر، كما أنّ اليوم التاسع يطلق عليه يوم تاسوعاء، واختلف بعض العلماء في تحديد يوم عاشوراء، فذهب بعضهم إلى أنّه اليوم التاسع من شهر محرّم، إلّا أنّ جمهور العلماء ذهبوا إلى القول بأنّه اليوم العاشر من شهر محرّمٍ، وورد عن الإمام النووي في كتابه المجموع: أنّ تاسوعاء، وعاشوراء، اسمان ممدوان، كما هو المشهور في كتب اللغة، وأورد النووي أيضاً رأي جمهور العلماء في ذلك، ومن الجدير بالذكر أنّ لصيام يوم عاشوراء أجراً عظيماً من الله تعالى، كما أنّ النبي موسى -عليه السلام- كان يصومه؛ لفضله العظيم، كما أنّ أهل الكتاب كانوا يصومونه أيضاً، وكانت قريش تصومه في الجاهلية، ووردت عدة أحاديث عن النبي -صلّى الله عليه وسلّم- تدلّ على فضل صيامه، منها: ما رواه الإمام مسلم عن أبي قتادة الأنصاري رضي الله عنه، أنّه قال: (صيامُ يومِ عاشوراءَ، أَحتسبُ على اللهِ أن يُكفِّرَ السنةَ التي قبلَه)، وما رواه عبد الله بن عباس رضي الله عنه، حيث قال: (ما رأيتُ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يتحرَّى صيامَ يومٍ فضَّلَه على غيرِه إلا هذا اليومَ، يومَ عاشوراءَ، وهذا الشهرَ، يعني شهرَ رمضانَ)، وذلك من فضل الله -تعالى- على عباده، بأن جعل صيام يوم واحد من العام، يكفّر ذنوب سنةٍ كاملةٍ.
صفات اليهود
إنّ المعروف من صفات اليهود تحايلهم وخداعهم، ومن مواقفهم في ذلك: أنّهم قالوا لنبيهم موسى -عليه السلام- بعد تجاوزهم للبحر، وقبل أن تجف أقدامهم: (اجعَل لَنا إِلهًا كَما لَهُم آلِهَةٌ)، كما أنّهم خذلوا نبيهم موسى عليه السلام؛ لأنّه غاب عنهم أربعين يوماً، فعبدوا العجل، كما أن اليهود قالوا لموسى عليه السلام: (قالوا أوذينا مِن قَبلِ أَن تَأتِيَنا وَمِن بَعدِ ما جِئتَنا)، فعُرف عن اليهود بأنّهم متحايلون، ومن الدلائل على ذلك أيضاً: عندما أمر الله -تعالى- اليهود بعدم الصيد يوم السبت، فتحايلوا على ما أمر الله تعالى، فكانوا يضعون الشباك يوم الجمعة، ويرفعون الشباك يوم الأحد، كما أنّ الله -تعالى- نهى اليهود عن أكل شحوم الإبل، فجعلوا من الشحوم زيوتاً ودهوناً، وباعوها وأخذوا ثمن هذه الزيوت والشحوم، وكذلك لمّا أمرهم الله -تعالى- أن يدخلوا بيت المقدس، ويأكلوا منه حيث شاؤوا رغداً، ويدعوا الله -تعالى- أن يغفر لهم الذنوب، فقال الله لهم: (وَإِذ قيلَ لَهُمُ اسكُنوا هـذِهِ القَريَةَ وَكُلوا مِنها حَيثُ شِئتُم وَقولوا حِطَّةٌ وَادخُلُوا البابَ سُجَّدًا نَغفِر لَكُم خَطيئَاتِكُم سَنَزيدُ المُحسِنينَ)، إلّا أنّ استجابة اليهود لأمر الله -تعالى- كانت استهزاءً، إذ كان اليهود يقولون: (حنطة من شعيرٍ).
حكم ومواعظ من صيام عاشوراء
كان اليهود يصومون يوم عاشوراء؛ وذلك احتفالاً منهم بذكرى نجاة الله -تعالى- لنبيه موسى عليه السلام، ومن الجدير بالذكر أنّ الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- أراد لأمته التميّز بصيام يوم عاشوراء، وذلك بصيام يومٍ قبله، أو صيام يومٍ بعده؛ لأنّ الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- أراد للمسلمين التميز، والاستقلالية، وعدم اتباع أيّ أحدٍ في الأفكار، أو في المذاهب، أو في العادات والتقاليد، كما أنّ النّووي أورد ذلك، فقال: (قال بعض العلماء ولعل السبب في صوم التاسع مع العاشر؛ ألا يتشبه باليهود في إفراد العاشر، وفي الحديث إشارة إلى ذلك، وقيل للاحتياط في العبادة، والأول أولى)، ودليل ذلك أيضاً قول الرسول صلّى الله عليه وسلّم: (لئن بقِيتُ إلى قابلٍ لأصومَنَّ التاسعَ)، كما أنّ العلماء بيّنوا أنّ صيام يوم عاشوراء يكون على ثلاث مراتبٍ: فالمرتبة الأولى تكون بصيام اليوم التاسع والعاشر والحادي عشر، والمرتبة الثانية بصيام يومي التاسع والعاشر، والمرتبة الثالثة تكون بصيام اليوم العاشر لوحده، ومن الجدير بالذّكر أنّ يوم عاشوراء إن صادف يوم السبت؛ فينهى عن صيامه وحده، إلّا إن صام المسلم يوماً قبله، أو يوماً بعده، ودليل ذلك قول الرسول صلّى الله عليه وسلّم: (لا تَصُومُوا يومَ السبتِ إلَّا فيما افْتَرَضَ اللهُ عليكُمْ، فإنْ لمْ يَجِدْ أحدُكُمْ إلَّا لِحاءَ عِنَبَةٍ، أوْ عُودَ شجرةٍ فَلْيَمْضُغْهُ)، وكذلك يكره صيام يوم الجمعة لوحده، إن صادف يوم عاشوراء، ولكن إن صام المسلم يومي الجمعة والسبت، فلا كراهة في ذلك.